مساقات عبر الإنترنت Online Courses

  • التسجيل
  • تسجيل الدخول
الرئيسية / الدورات الدراسية / نؤمن بيسوع / الدرس الأول: الفادي

نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الثاني

تقدم القسم:
← العودة إلى الدرس
  • الفيديو
  • الملف الصوتي
  • النص

الخلق
أسبوع الخلق

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES01_05.mp4

سقوط الجنس البشري
النتائج الشخصية

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES01_06.mp4
موضوعات ذات صلة
How did humanity come to need redemption?

الشركة المقطوعة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES01_07.mp4
موضوعات ذات صلة
Why did Adam's sin have such terrible consequences for humanity and creation?

النتائج الشاملة
رجاء البشر

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aJES01_08.mp4
موضوعات ذات صلة
What are some of the effects of humanity's fall into sin?
  • الخلق
    أسبوع الخلق
  • سقوط الجنس البشري
    النتائج الشخصية
  • الشركة المقطوعة
  • النتائج الشاملة
    رجاء البشر

الخلق
أسبوع الخلق

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES01_05.mp3

سقوط الجنس البشري
النتائج الشخصية

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES01_06.mp3
موضوعات ذات صلة
How did humanity come to need redemption?

الشركة المقطوعة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES01_07.mp3
موضوعات ذات صلة
Why did Adam's sin have such terrible consequences for humanity and creation?

النتائج الشاملة
رجاء البشر

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aJES01_08.mp3
موضوعات ذات صلة
What are some of the effects of humanity's fall into sin?
  • الخلق
    أسبوع الخلق
  • سقوط الجنس البشري
    النتائج الشخصية
  • الشركة المقطوعة
  • النتائج الشاملة
    رجاء البشر

الخلق

من أجل غرضنا في هذا الدرس، نعرّف الفترة الأولية للخليقة بكونها تبدأ بأسبوع الخلق، وتنتهي بسقوط الجنس البشري في الخطية وطرده من جنة عدن. ويشار إلى هذه الأحداث تكراراً في كل الكتاب المقدس؛ لكن نجدها بصورة رئيسية مصوّرة بالتفصيل في تكوين ١-٣.

نقوم باستكشاف عمل الابن خلال فترة الخلق عن طريق النظر إلى موضوعين: أولاً، أسبوع الخلق عندما خلق الله العالم في البداية، وثانياً سقوط الجنس البشري في الخطية. لنبدأ بأسبوع الخلق.

أسبوع الخلق

عندما يتحدث المسيحيون عن خلق الله للعالم، فإن أفكارنا تتجه فوراً إلى شخص الله الآب. لكن الكتاب المقدس يعلّم أن الابن كان إلى جانب الآب أثناء الخلق، وأن الآب خلق العالم بواسطته أو من خلاله. ونجد هذه الحقائق في أماكن مثل يوحنا ١: ١-٣، وعبرانيين ١: ٢.

عندما نفكر بابن الله كخالق الكون، فإن المقطع الذي يتبادر إلى ذهننا هو (كولوسي ١)، وهو مقطع غني يذكّرنا بأن فيه خلق الكل، الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ وَفِيهِ يَقُومُ الْكُلُّ‏، وهذا يوصلنا إلى النقطة العملية الحقيقية. فالمقصود هنا هو أنه يمكننا أن نكون واثقين بأن الشخص ذاته الذي أعطى الخليقة شكلها ويعضدها من خلال مزيج من القانون الطبيعي ومشيئته الإلهية، هو إلى جانبنا هنا، ويعرف ما نمرّ به كوننا جزءاً من هذه الخليقة وكخليقة جديدة بروحه. فهناك بركة بارتباطنا بقصد الله الأصلي وبسده لاحتياجاتنا اليوم. [د. جيمز سمِث]

استمع على سبيل المثال إلى ما تقوله كولوسي ١: ١٦ عن دور الابن في الخليقة:

فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأرض مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشاً أَمْ سِيَادَاتٍ أَمْ رِيَاسَاتٍ أَمْ سَلاَطِينَ. الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ. (كولوسي ١: ١٦)

يعلن بولس في هذا المقطع صراحة أن الخليقة تمت بواسطة الابن أو كما يترجم البعض من خلاله.

في بداية الخليقة كان الابن موجوداً “كاللوغوس” الكلمة الحقيقية. هكذا قال الله في تكوين واحد: “لِيَكُنْ نُورٌ”. وقال الله: “لِتَجْتَمِعِ الْمِيَاهُ تَحْتَ السَّمَاءِ إِلَى مَكَانٍ وَاحِدٍ، وَلْتَظْهَرِ الْيَابِسَةُ”. ثم نقرأ إعلان يوحنا في إنجيله: “وَالْكَلِمَةُ صَارَ جَسَداً”. وبالتالي نفهم الكون بالطريقة ذاتها، من الخالق إلى الخليقة؛ من الله إلى الكائنات البشرية. لماذا؟ لأننا نفهم العالم من خلال هذا المبدأ الإلهي المسيطر. وهذا المبدأ ليس خيالياً. هو الحقيقة، الكلمة، اللوغوس. من هنا يمكن فهم الكون كله من حيث إنه تحت سلطة لوغوس الله. [د. ستيفين تشان]

عندما نقرأ العهد الجديد، نجد الكثير من الأمور المدهشة، ونقرأ العهد القديم على ضوء جديد بالكامل. أحد الأمور التي نكتشفها، من مقدمة إنجيل يوحنا مثلاً، هو أن المسيح موجودٌ من البداية. هو موجود في كل عدد من العهد القديم. لكن نرجع إلى الوراء إلى رواية الخليقة، ويخبرنا يوحنا أنه كان المسيح “الكلمة”، “لوغوس” الله، وسيط الخلق الذي من خلاله صنع الله العالمين. ثم نأتي إلى كولوسي، ويخبرنا بولس ليس أن المسيح خلق العالم فحسب، بل أنه خلق كل ما هو موجود، ونقرأ في تكوين “قال الله”، إنه خلق بالكلمة. “الكلمة” التي نطق بها. ونعرف أن “الكلمة” هي المسيح. [د. آلبرت مولر]

وما يثير الانتباه، هو أن رواية الخلق في الكتاب المقدس لا تبدأ بالتركيز على ما حدث قبل خلق السماوات والأرض؛ بل تصرف بدل ذلك وقتاً في التحدث عن الطرق التي من خلالها رتَبَ الله العالم وملأه بطرق ترضيه، طرق تنسجم مع خططه السرمدية للعالم. و(تكوين ١: ١) هو عنوان رواية الخلق الذي يخبرنا أن الله هو الخالق. ثم يخبرنا تكوين ١: ٢ عن حالة العالم الأصلية، حيث نقرأ هناك:

وَكَانَتِ الأرض خَرِبَةً وَخَالِيَةً وَعَلَى وَجْهِ الْغَمْرِ ظُلْمَةٌ. (تكوين ١: ٢)

قبل أن يرتِّب الله العالم ويملأه، كان خرباً، ليس له شكلٌ أو ترتيبٌ؛ وكان خالياً، دون مخلوقات تسكنه.

لم يكن العالم في هذه الحالة مناسباً ليكون ملكوت الله المجيد. فصرف الله ستة أيام يملأ الأرض ويرتِّب فيها خليقته. والطريقة التي قام بها بذلك كشفت بعض أبعاد قصده السرمدي للعالم.

في الأيام الثلاثة الأولى للخلق، شكّل الله العالم أو أعطاه شكلاً. ومن خلال قوة كلمته، فصل بين النور والظلمة، بين السماء والبحر، وبين اليابسة والمياه. وخلق النبات كطعام للمخلوقات التي سيخلقها لاحقاً. وفي نهاية اليوم الثالث، كانت الخليقة قد تشكلت وغدت مستعدة للحياة.

وفي الأيام الثلاثة التالية للخلق، ملأ الله العالم الفارغ. لكنه لم يملأه فحسب، بل عيّن أدواراً لخليقته، بحيث تنتظم وتُوجَّه. فخلق الشمس، القمر والنجوم لتحديد الفصول؛ وعيّن الشمس لحكم النهار، والقمر لحكم الليل. ثم خلق السمك ومخلوقات أخرى لتعيش في المياه، والطيور لتعيش في الجو، وكل الحيوانات التي تعيش على الأرض لتملأ اليابسة. ثم خلق البشر ليملئوا الأرض ويسودوا على كل مخلوقات المياه والسماء واليابسة. استمع إلى رواية خلق البشر في تكوين ١: ٢٧-٢٨:

فَخَلَقَ اللهُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِهِ. عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمْ. وَبَارَكَهُمُ اللهُ وَقَالَ لَهُمْ أَثْمِرُوا وَاكْثُرُوا وَامْلأُوا الأرض وَأَخْضِعُوهَا، وَتَسَلَّطُوا عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى كُلِّ حَيَوَانٍ يَدِبُّ عَلَى الأرض. (تكوين ١: ٢٧-٢٨)

الكِتاب المُقدَّس، لا سيما كتاب التكوين بالطبع، يخبرنا أن العلاقة الأصلية مع الله هي موصوفة بغنى بهذه الطريقة: أولاً، الجنس البشري هم بلا ريب ذروة خليقة الله. في نهاية الستة أيام نقرأ: “وَقَالَ اللهُ: ‘نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُورَتِنَا كَشَبَهِنَا … عَلَى صُورَةِ اللهِ خَلَقَهُ. ذَكَراً وَأُنْثَى خَلَقَهُمْا”. فلله مع البشر هذا النوع من العلاقة المميزة، فهم ذروة ما خطط ليعمله، أي أن يضع صورته، شبهه، في هذه الخليقة. ولذلك، يصف الفصل الثاني من تكوين هذه الحقيقة ذاتها بهذه العبارات، “وصنع الله آدَمَ مِنَ تراب الأرض، وَنَفَخَ فِيهِ نَسَمَةَ حَيَاةٍ”. فقد شارك الله طبيعته الروحية مع آدم. من هنا يمكن وصف علاقة البشر الأصلية مع الله على أفضل وجه هكذا: لقد أراد الله أن يكون البشر أصدقاءه، وأولاداً له، وشركاء معه في صيانة الخليقة، وأن يخدموه، لكن ليس فقط أن يخدموه، بل ما هو أهم من كل ذلك، أن يعرفوه وأن يحبوه. [د. ستيفين بليكمور]

مع نهاية اليوم السادس من أسبوع الخلق، كان الله قد خلق الكون ليكون ملكوته المميّز، وعيّن الإنسان ليسود على الأرض بطرق تمجد اسمه.

مع إبقاء ذلك في ذهننا، دعونا ننظر من جديد إلى كولوسي ١: ١٦، حيث كتب بولس هذه الكلمات عن دور الابن في الخلق:

فَإِنَّهُ فِيهِ خُلِقَ الْكُلُّ مَا في السَّمَاوَاتِ وَمَا عَلَى الأرض مَا يُرَى وَمَا لاَ يُرَى سَوَاءٌ كَانَ عُرُوشاً أَمْ سِيَادَاتٍ أَمْ رِيَاسَاتٍ أَمْ سَلاَطِينَ. الْكُلُّ بِهِ وَلَهُ قَدْ خُلِقَ. (كولوسي ١: ١٦)

لاحظ في هذا المقطع، كيف شدّد بولس على العروش، السيادات، الرياسات والسلاطين. في الكتاب المقدس، الخليقة ليست فقط وجوداً مادياً، بل هي أيضاً مسألة قوى كونية ملائكية. فالعالم موجود لكي يصبح ملكوت الله المميّز، تحت سلطة ابنه المميّز. ونرى الارتباط ذاته في هذه الكلمات من عبرانيين ١: ٢:

[الله] كَلَّمَنَا فِي هذِهِ الأَيَّامِ الأَخِيرَةِ فِي ابْنِهِ، الَّذِي جَعَلَهُ وَارِثاً لِكُلِّ شَيْءٍ، الَّذِي بِهِ أَيْضاً عَمِلَ الْعَالَمِينَ. (عبرانيين ١: ٢)

هنا ربط كاتب العبرانيين فكرة نشاط ابن الله في الخليقة بحقيقة أنه كان وَارِثاً لِكُلِّ شيء، أي أنه كان الملك الذي سيرث الملكية والسلطة على كل الخليقة. في الحقيقة، هذه الفكرة تتردد في كل الفصل.

يعلّم الكتاب المقدس بثبات أن القصد من الخليقة هي أن تكون ملكوت الله المميّز. ويوضح العهد الجديد أن هذا الملكوت سيُحكم من قبل ابنه المميّز، الذي بواسطته أنجزت الخليقة. وربما يمكننا القول أن عمل الابن الإبداعي كان تعبيراً عن ملكه وسلطانه. وهو له سلطان على الخليقة لأنه وسيط خلقها. لذلك، كل شيء مخلوق، مُلزَم أن يطيع ابن الله ويخضع له بإرادته كملك.

من الحقائق المثيرة في الإيمان المسيحي هو أن ربنا ومخلصنا يسوع المسيح لم يفدنا فقط، لكن كان له دور حيوي في خلق الكون. فربنا ومخلصنا هو “الفادي”، لكنه أيضاً على نحو أكمل هو وسيط الخلق والفادي طبعاً. وهذا له نتائج عامة بالنسبة إلينا. فهذا أولاً يذكرنا كم هو عظيم مخلصنا – الذي خَلقَ به الله الكل. يا لها من حقيقة مذهلة بالفعل. كما تساعدنا هذه الحقيقة أن لا نضل أبداً ونظن أن الابن هو نوعاً ما أقل من الآب، بل هو شريك كامل في خلق الكون، في خلق هذا الكون العظيم المدهش. وتذكرنا هذه الحقيقة أيضاً أن قلب يسوع المسيح يصل ليس فقط إلى كنيسته بل إلى كل مخلوقاته على اختلاف منزلتها، وأن الفداء الذي ننتظره ليتحقق بالكامل في نهاية الزمن من خلال المسيح، سيكون فداء أيضاً لهذه الخليقة التي تئن على السواء. وهذه الحقيقة هي تذكير أيضاً أن أولئك الذين يتبعون يسوع المسيح يجب أن يكون قلبهم حقاً متناغماً مع قلبه فيهتمون مثله بهذا العالم الذي خلقه ويتعاطفون مع سكانه. [د. غلِن سكورجي]

بعد أن نظرنا في عمل الابن في فترة الخلق من زاوية أسبوع الخلق، بتنا مستعدين أن ننتقل إلى سقوط الجنس البشري في الخطية.

سقوط الجنس البشري

سقوط الجنس البشري في الخطية هي قصة محزنة لكن مشهورة. نقرأ في تكوين ٢ أن الله خلق أبوينا الأولَين، آدم وحواء، ووضعهما في جنة عدن الجميلة. وكان عملهما الاعتناء بالجنة وإنجاب الكثير من الأولاد بحيث يمتدون خارج الجنة ليملئوا العالم بكامله، وتصبح الأرض كلها مكاناً لائقاً لسكنى الله. لكن في الفصل الثالث، أخذ الشيطان شكل الحية وجرّب حواء لتأكل من ثمرة شجرة معرفة الخير والشر المحظورة. وما إن أكلت منها حواء حتى أعطت منها لآدم، فأكل هو أيضاً. هذا كان أول عمل غدرٍ قام به البشر. آدم وحواء صدّقا كلام الحية وشككا بتدبير الله لحياتهما، واستخفا بوصيته.

وكان رد فعل الله على هذه الخطية كما نقرأ في تكوين ٣، لعنة آدم وحواء والحية. والأحكام التي تضمنتها اللعنة لخّصت عواقب عصيان الجنس البشري، وأخّرت إتمام قصد الله للخليقة. لكن، ما كان دور ابن الله في كل ذلك؟ يمكننا أن نوجز عمل الابن بقولنا إنه اشترك مع الآب والروح القدس في لعنة البشر عندما أخطأوا، وإنه كان الفادي الموعود به الذي سيأتي لاحقاً ليخلّص البشر من هذه اللعنات عينها.

سنبحث عمل ابن الله خلال سقوط الجنس البشري، بثلاث طرق. أولاً، سنستكشف نتائج السقوط الشخصية. ثانياً، سننظر في نتائجه الشاملة. وثالثاً، سنشير بإيجاز إلى الرجاء الذي أُعطي إلى البشر بعد السقوط. لنبدأ بالنتائج الشخصية للسقوط.

النتائج الشخصية

يخبرنا الفصل الخامس من رومية عن بعض نتائج سقوط الإنسان في الخطية، فيقول “بِإِنْسَانٍ وَاحِدٍ أي آدم دَخَلَتِ الْخَطِيَّةُ إِلَى الْعَالَمِ واجْتَازَ الْمَوْتُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ إِذْ أَخْطَأَ الْجَمِيعُ في آدم”. فقد كان ممثلاً للجنس البشري بكامله. وعندما أخطأ آدم نقل ذنبه إلى كل الجنس البشري. كذلك انتقلت طبيعته الفاسدة. فلنقل إن الله عندما خلق آدم وضع فيه زجاجة سم، وهذا ليس إلّا على سبيل التشبيه، وقال له إن خرجت عن طاعتي، فستنكسر الزجاجة. وهذا ما حصل انكسرت الزجاجة وسممت ذهنه فتشوش تفكيره، وسَممت قلبه فلم يعد يحب الأمور الصالحة أيضاً، ولم يعد يختار الصواب. ثم عندما أنجب أولاداً، انتقلت هذه الطبيعة الفاسدة إلى أولاده، فولد الجنس البشري بطبيعة فاسدة وفي عصيان على الله. [د. فرانك باركر]

الشركة المقطوعة

يوجد الكثير من الطرق التي تصف النتائج الشخصية لسقوط الجنس البشري في الخطية. لكن من أجل أغراضنا في هذه الدروس، سنركز على أربعة أفكار، بدءاً من الشركة المقطوعة بين الله والبشر.

إن سقوط البشر في الخطية هو في جوهره عصيان على الله، هو كسر لوصاياه الأخلاقية التي تعكس شخصه. وقد قاد هذا العصيان إلى انفصال مأسوي على كل المستويات. فنحن كخليقته، خُلِقنا على صورته ووُجِدنا لنمجده، لكننا لم نفعل ذلك. ونحن نسقط باستمرار، ولا نمجد الله، وعندما نتمرد عليه ونعصي أوامره، يعمد إلى لعن هذه الخليقة ويفصلها عنه. فاختبار البشر للانفصال، يعني حرمانهم من المصدر الأساسي لأمانهم وأهميتهم وهويتهم كخليقة الله. وهكذا بتنا منفصلين عن الله. كذلك نحن منفصلون عن بعضنا البعض، لأن خطة الله لنا هي أن نجد فرحنا واكتفاءنا بالله. وعندما لا نفعل ذلك نطلب هذه الأمور في العالم. وبدل أن يصبح الآخرون موضوع عطفنا وحبنا، يصبحون منافسين لنا في الوصول إلى أمور هذا العالم، فنحن نسعى لنحقق ذواتنا، وننفصل عن الناس الآخرين. [د. إريك ثيونيس]

صمم الله هذا العالم ليكون مكاناً لسكنى مخلوقاته. لكن خطية آدم وحواء أبعدتهما عن الله، وانقطعت شركتهما معه. فقد ولّد عصيانهما نوعاً من الخجل، وخسرا الطمأنينة والثقة التي كانت عندهما في محضر الله. فبدل أن يسيرا ويتحدثا مع الله في الجنة، اختبأ من حضرته. ولم تنقطع تلك الشركة من الزاوية البشرية فحسب، بل إن الله رفضهما من حضرته، وطردهما من جنة عدن. ونتيجة لذلك، باتت أعظم حاجات البشرية إصلاح تلك العلاقة المقطوعة.

علاوة على ذلك، وكنتيجة لعلاقة البشر المقطوعة مع الله، انقطعت أيضاً الشركة بين آدم وحواء. وهذا واضح من خلال خجلهما بعريهما وكسوهما أنفسهما بأوراق تين. كما نرى ذلك من خلال لعنة الله على الجنس البشري في تكوين ٣: ١٦، حيث نجد أن الخطية هي مصدر النزاع في الزواج. لذلك، تحتاج البشرية أيضاً إلى فداء يصحح هذه العلاقات البشرية.

الذنب

نتيجة شخصية ثانية للسقوط هي حمل الجنس البشري ذنب خطية آدم. استمع إلى وصف بولس لهذه المشكلة في رومية ٥: ١٨:

بِخَطِيَّةٍ وَاحِدَةٍ صَارَ الْحُكْمُ إِلَى جَمِيعِ النَّاسِ لِلدَّيْنُونَةِ. (رومية ٥: ١٨)

علّم بولس أنه بمعصية آدم الواحدة صدر حكم على كل البشر. بعبارة أخرى، وضع الله خطية آدم على حساب كل الجنس البشري الساقط، بحيث بتنا جميعاً مذنبين بتلك الخطية الأولى. وهذا حدث لأن آدم كان ممثل لكل الجنس البشري في عهده مع الله. فهو لم يمثل نفسه فقط، بل أيضاً زوجته، وكل كائن بشري تحدّر منهما من خلال الولادة البشرية الطبيعية. وبالتالي، نحن أيضاً نحتاج إلى فداء يحرّرنا من هذا الذنب، ومن العقاب الأبدي الذي نتج عنه.

الفساد

النتيجة الشخصية الثالثة للسقوط هي الفساد. يشير التعبير اللاهوتي فساد إلى فساد الطبيعة البشرية. وتتفاوت الآراء اللاهوتية حول المدى الذي يصل إليه هذا الفساد، لكن يتفق كل الإنجيليين على أنه يمنعنا من إيجاد نعمة عند الله. ويتحدث الكتاب المقدس عن فساد الطبيعة البشرية في أماكن عدة، بما فيها رومية ٣: ٩-١٨. على سبيل المثال، استمع إلى هذه الكلمات من رومية ٣: ١٠-١٢:

كَمَا هُوَ مَكْتُوبٌ أَنَّهُ لَيْسَ بَارٌّ وَلاَ وَاحِدٌ. لَيْسَ مَنْ يَفْهَمُ. لَيْسَ مَنْ يَطْلُبُ اللهَ. الْجَمِيعُ زَاغُوا وَفَسَدُوا مَعاً. لَيْسَ مَنْ يَعْمَلُ صَلاَحاً لَيْسَ وَلاَ وَاحِدٌ. (رومية ٣: ١٠-١٢)

في هذه الأعداد جمع بولس شواهد عديدة من العهد القديم لكي يشدّد على تعاليم الكتاب المقدس الثابتة عن الفساد البشري.

في رومية ٣، علّم بولس أن سلوكنا قد فسد بحيث لا يوجد أحد بار ولا واحد يصنع صلاحاً. فتفكيرنا أيضاً فسد بحيث لا أحد يفهم. وقد تأثرت إرادتنا أيضاً بحيث لم يعد أحد يطلب الله. في الواقع ذهب بولس بعيداً إلى حد القول إن الطبيعة البشرية باتت عديمة القيمة أمام إلهنا القدوس. فنحن لا نستحق بركته، ولا يوجد ما يمكننا فعله لنفدي أنفسنا. نحن بحاجة إلى شخص آخر ينقذنا.

في الحقيقة مع بداية القرن العشرين، كان هناك الكثير من التفاؤل في العالم، لا سيما في العالم الغربي، أنه بسبب تقدم العلم وبسبب الانتشار الكبير للثقافة، وبسبب كل الاكتشافات في مجال التكنولوجيا والتقدم وما شابه، كان هناك بين الفلاسفة وعلماء الاجتماع وحتى بين اللاهوتيين المتحررين، كان هناك جو من التفاؤل بأن القرن العشرين سيكون قرن السلام الذي فيه ستنتهي الحروب. وأن القرن العشرين سيكون القرن الذي فيه سيسود المنطق البشري، وأن العقلاء لن يقتلوا بعضهم بعَضاً. وهكذا كنا أمام هذا التوقع الكبير بقرن يسود فيه السلام. وكما ترى، المشكلة هي في هذا النوع من التفكير، وهذه هي مشكلة الماركسية أيضاً، فقد انتهت نظرتها المتفائلة في علم الإنسان بكوارث اجتماعية لأنها لم تعلّم عن الخطية وعن علاج الخطية. وحدث أن نشبت الحرب؛ الحرب العالمية الأولى. ثم الثورة الشيوعية. ثم لاحقاً المحرقة، والحرب العالمية الثانية، كما ظهر هتلر والنازية وإلى ما هنالك. وهكذا نتيجة لذلك باختصار، قُتِلَ في الحرب حوالي مئة واثني عشر مليون شخص. وهذا فقط في الحرب، نتكلّم عن الحرب. ومن عسكريين ومدنيين بحسب الإحصاءات المكتوبة التي وصلتنا. وهذا العدد هو أربعة أضعاف مجموع قتلى القرون الأربعة السابقة. ما الذي يعنيه ذلك؟ يعني أنه توجد مشكلة. ليس فقط في الظروف الاجتماعية، لكن مع كل المعرفة، والتقدم العلمي وما وفّرته الحضارة، يوجد عيب جوهري في الطبيعة البشرية؛ العيب هو في الطبيعة البشرية. وهذا ما نسميه نحن المسيحيين “خطية”. ليست هذه الكلمة محببة جداً في وسائل الإعلام، وفي الجامعة وغيرها، لكن كما قال راينهُلد نيبور “التعليم المسيحي عن الخطية هو التعليم الأقل قبولاً بين كل التعاليم، لكنه مع ذلك يبقى التعليم الأقوى الذي نختبره في كل مكان”. [د. بيتر كوزميتش]

العذاب، الألم والموت

أما النتيجة الشخصية الرابعة للسقوط فهي اختبار كل الجنس البشري للعذاب والألم والموت. قبل سقوط الجنس البشري في الخطية، كانت الحياة كاملة وواعدة. لم يكن البشر يعرفون الألم أو المشقة أو المرض أو الموت. لكن بعد أن أخطأ آدم وحواء، وقعت عليهما دينونة الله مع نسلهما الجسدي.

في الحقيقة، ونتيجة للسقوط، الله دان الرجال والنساء وفي الحقيقة دان الخليقة كلها. فعلى سبيل المثال، العمل الذي كان آدم وحواء منهمكين فيه قبل السقوط، أصبح مرهِقاً، ولهذا السبب تفاوتت مشاعر البشر من العمل، فمنهم من أحبه ومنهم من أبغضه. وكذلك العلاقة بين الرجل والمرأة، فسدت وانحرفت. وولادة الأطفال، التي هي عطية أخرى من الله من أجل إعادة خلق صور جديدة له، باتت مؤلمة؛ وكانت النتيجة الإجمالية عامة أن الأمور الجيدة التي أعطاها الله لآدم وحواء ليتمتعوا بها، استمروا بالتمتع بها، لكنها بمعنى ما التَوَتْ وانحرفت، ولم تعد ممتعة بالكامل. [د. سايمن فايبرت]

دينونة الله على البشر مدوّنة في تكوين ٣: ١٦-١٩ حيث نقرأ هذه الكلمات:

وَقَالَ لِلْمَرْأَةِ تَكْثِيراً أُكَثِّرُ أَتْعَابَ حَبَلِكِ بِالْوَجَعِ تَلِدِينَ أَوْلاَداً… وَقَالَ لآدَمَ … مَلْعُونَةٌ الأرض بِسَبَبِكَ. بِالتَّعَبِ تَأْكُلُ مِنْهَا كُلَّ أَيَّامِ حَيَاتِكَ. وَشَوْكاً وَحَسَكاً تُنْبِتُ لَكَ… بِعَرَقِ وَجْهِكَ تَأْكُلُ خُبْزاً حَتَّى تَعُودَ إِلَى الأرض الَّتِي أُخِذْتَ مِنْهَا. (تكوين ٣: ١٦-١٩)

هذه الدينونة لم تجلب الألم والعذاب للبشر فحسب؛ بل أعاقتهم عن إتمام المهمات التي عينها الله لهم. فقد بدأ البشر يواجهون المشقات في سعيهم للتكاثر وملء الأرض، وفي أعمال الحراثة والزراعة، وفي السيادة على الأرض ونشر ملكوت الله.

لا بل ما هو أسوأ من ذلك، بدأ البشر يختبرون الموت. وقد امتدت هذه الدينونة إلى كل الأجيال البشرية. فإن كان لا بد لنا أن نتمم مقاصد الله للبشر، نحتاج إلى فادٍ يزيل هذه العقبات من أمامنا ويردّنا إلى وجود سعيد ومبارك.

من نتائج سقوط البشرية هي أن الجنس البشري انحرف في طريقه. فالخطية هي عصيان لوصايا الله، والبشر ليسوا كاملين. ولم يعد بإمكانهم أن يبلغوا مقياس الله. من هنا، بعد السقوط، نحن انفصلنا عن الله، وتَواجه الجنس البشري بكامله مع حقيقة الموت. وبدون استثناء، لا أحد بار في عيني الله. وعلى الرغم من أن البشر ما زالوا يحملون صورة الله، فهم فاسدون. ومن دون الفداء في المسيح، لا يقدر أحد بالفطرة أن يطلب وجهه. ونحن أيضاً لا نقدر أن نعيش على مستوى صلاحه. [د. ستيفين تشان]

يحتاج البشر إلى فادٍ، وهم في الحقيقة يحتاجون الله ليكون فاديهم للسبب التالي: طبيعة الخطية التي ضد الله. فالله ليس قوة غير شخصية قذفت الكون إلى الوجود. فإنّ الله هو كائن شخصي في عقيدة الثالوث، الله هو آب، وابن وروح قدس. الله في جوهره وكنهه إله شخصي، إذاً خطيتنا هي ضد الله شخصياً. فوق كل شيء خطيتنا هي بمثابة خيانة لخالقنا قبل أن تكون أي شيءٍ آخر على الإطلاق. هذا برأيي ما يعلنه الكِتاب المُقدَّس لنا. وبالتالي، لما كانت خطيتنا بمثابة خيانة، لا يمكننا أن نفعل شيئاً لإصلاح الأمر. فالخيانة هي أمر لا يقدر سوى من تعرض للخيانة أن يفعل شيئاً حياله. وبالتالي فقط إن قدّم لنا الفداء، إن أخذ الله هذه العلاقة المقطوعة وأصلحها، ساعتئذٍ يمكننا أن نُفتدى. نحتاج أيضاً إلى فاد بسبب ما آلت إليه حالة البشر من جرّاء الخطية. فقد أوقعتنا بالشرك. وإذ نحن نبتعد عن الله ونركّز على أنفسنا، تُوقِعنا الخطية في شركها فتجذبنا مثل الجاذبية بحيث إننا ما لم تسمح لنا رحمة الله بأن ننجو وأن نتمكن مرة جديدة من أن نوجّه قلوبنا وحياتنا نحو الله، فلن نقدر أن ننجو من خطايانا ولا بأية طريقة. وبالتالي وحده فقط الفادي الذي يمكنه بادئ الأمر أن يسّوي الأمر مع الله وأن يخلّصنا. وحده الفادي الذي يمكنه أن يصل إلى أعماق حالتنا الأثيمة ويبطل قوة الخطية ويمكنه أن يخلصنا. [د. ستيفين بليكمور]

بعد أن رأينا النتائج الشخصية التي نتجت عن سقوط الجنس البشري في الخطية، بتنا مستعدين أن ننتقل إلى النتائج الشاملة.

النتائج الشاملة

كان البشر في مركز الدائرة بالنسبة إلى مقاصد الله في ملكوته، بحيث جلب عصياننا الدينونة على العالم بأكمله. ومنذ ذلك الحين، والمجتمع البشري يعيش لمجده الذاتي بدل مجد الله. وقد ساد الجور والظلم في علاقات البشر بعضهم مع بعض. كما تمرّدنا باستمرار على إرادة الله، بحيث فشل ملكوته على الأرض في إظهار مجده الكامل وصلاحه كملك وخالق. كما تأثر العالم الطبيعي أيضاً. فالخراب والموت أفسدا الأرض وأضرا بكل مخلوقاتها. وباتت الخليقة بكل جوانبها بحاجة إلى الخلاص والفداء.

سنركّز في هذا الدرس على نتيجتين شاملتين للسقوط، بدءاً من حقيقة تأخيره لمجيء ملكوت الله.

تأخير مجيء ملكوت الله

كما نقرأ في تكوين ٢: ٨، عندما خلق الله العالم، كانت جنة عدن الجزء الوحيد الذي شكّل الفردوس. أما بقية العالم فكانت أرضه بوراً غير مزروعة. وبحسب تكوين ١: ٢٨، كان عمل البشر إخضاع الأرض، أي حراثتها وزراعتها وتأسيس المجتمعات البشرية في كل أرجائها، بحيث يصبح العالم كله شبيهاً بجنة الله المميزة. كما كان يفترض بنا أن نسود عليها كملوك خاضعين لله، ونضمن امتداد ملكه السماوي المجيد على كل خليقته الأرضية. وبعد أن ينتهي ذلك، كانت خطة الله تقضي بأن يسكن العالم كملكوته الأرضي المميّز.

لكن سقوط الجنس البشري في الخطية أخّر العناية الصحيحة بالعالم وسيادتنا عليه. وبالتالي أخّر أيضاً مجيء ملكوت الله. ومحاولاتنا للعناية والسيادة تلطخت بالخطية، وبات العالم الذي صنعناه غير ملائم ليسكن الله فيه. صحيح أن البشر نجحوا في مَلء الأرض، لكن المجتمعات التي أسسوها ابتعدت كل البعد عن العالم الكامل الذي أمرنا الله بصنعه. فالحروب والجرائم والنزاعات والحقد والديانات الباطلة تملأ العالم؛ وحتى داخل الكنيسة، غالباً ما نجد أشخاصاً ينقصهم الإيمان والولاء لله. وكنتيجة لهذه الخطية في العالم، فإن ملكوت الله لم يأت بعد بملئه. وقد تناول بطرس هذه المشكلة في 2 بطرس ٣: ١١-١٢ عندما كتب:

يَجِبُ أَنْ تَكُونُوا أَنْتُمْ فِي سِيرَةٍ مُقَدَّسَةٍ وَتَقْوَى؟ مُنْتَظِرِينَ وَطَالِبِينَ سُرْعَةَ مَجِيءِ يَوْمِ الرَّبِّ. (2 بطرس ٣: ١١-١٢)

من ناحية، يمكن لله أن يقيم ملكوته على الأرض في أي وقت يشاء، إذ هو يملك القوة ليطهّر عالم الخطية في أي وقت أراد. لكن خطة الله تقضي بأن يقوم بذلك من خلال الفادي يسوع المسيح. وفي هذا المقطع، علّم بطرس أنه عن طريق محاربة الفساد في العالم، يمكننا فعلاً أن نبدأ نوجه الخليقة نحو هدفها الأصلي، وأن نسرّع اليوم الذي سيأتي فيه الله ليسكن على الأرض.

أما النتيجة الشاملة الثانية للسقوط، فهي أن كل الخليقة باتت الآن خاضعة للعبث.

الخضوع للعبث

مع دخول الألم والعذاب الاختبار البشري، تعطل السلام والإنتاج في بقية الخليقة أيضاً. فقد عُوقبَت الأرض أيضاً، وبدأت تنتج الشوك والحسك، وعمّت الفوضى والفساد الخليقة كلها. وفي رومية ٨: ٢٠-٢٢، يصف بولس هذا العقاب بقوله إِذْ أُخْضِعَتِ الْخَلِيقَةُ لِلْبُطْلِ الذي هو عُبُودِيَّةِ الْفَسَادِ وهي تَئِنُّ وَتَتَمَخَّضُ. بعبارة أخرى، لم تعد الخليقة قادرة أن تنتج الأمور الجيدة التي أريد لها أن تنتجها، ولم تعد قادرة أن تكون العالم الكامل الذي أراده الله.

ونظرة عابرة إلى العالم الذي حولنا تؤكد هذه الحقيقة. فالأعاصير تخرب شواطئنا. والهزات الأرضية تدمر المدن والقرى. والفيضانات تمحو أحياناً قرى بكاملها. والحشرات والحيوانات والأوبئة تقضي على المزروعات. والأمراض والأذية تسبب الألم والموت للملايين. ونتائج السقوط موجودة في كل مكان. والطريقة الوحيدة ليستقيم العالم هي عن طريق فداء الله له من الدينونة.

إنّ نتائج سقوط آدم وحواء على الخليقة والبشرية هي بعيدة المدى بسبب قصد الله في الخليقة. ونقرأ في تكوين أن الله خلق الإنسان ذكراً وأنثى، ليتسلطوا على الأرض. وبالتالي ما يفعله الإنسان كوسيط بين الله والخليقة، إنّ ما يفعله تترتب عليه عواقب على كل الخليقة. ويتضح من طريقة خلق آدم من التراب، بأن مصير الخليقة مرتبط بنوع التصرفات التي يقوم بها البشر. وعندما أخطأ آدم وحواء رأينا مثلاً أنّ الأعشاب الضارة بدأت تنبت، وبات العالم في عداوة مع الحياة والخليقة. وبدل أن تسير الخليقة أو تُقاد وفق ترتيب الله وبحسب مشيئته، نرى عكس ذلك يحدث، بسبب ضلال الخليقة تحت الحكم البشري، ما أدَّى إلى الابتعاد عن الله … ويقتبس بولس من رومية ٨ ويقول إن الآلام التي تحدث في العالم، سواء كوارث طبيعية أو الأمراض، هذه الأمور مرتبطة كلها بخضوع الخليقة للبطل، إذ دُفعت إلى أيدينا ونحن خسرناها فتحوّلت إلى نظام شرير كامل. لكن في وصفه للخليقة، يقول بولس إن “الْخَلِيقَة تَتَوَقَّعُ اسْتِعْلاَنَ أَبْنَاءِ اللهِ”. وذلك لأنه كما أن الخليقة كانت تحت الدينونة بسبب ما فعله البشر، يمكن للخليقة أن تخلص كلها، عندما يتصرف البشر يشكل ملائم خاضعين لله، وهو ما لم نره بعد، لكن نراه عندما يعود آدم الثاني ويقوم المسيح بالوظيفة التي خُلق البشر من أجلها، ويرتب الخليقة كما ينبغي أن تكون تحت حكم الله، حيث تتحقق سيادتها الحقيقية. وهذا أنبأ به في إشعياء ١١، حيث ردّ السلام إلى مملكة الحيوان وبين البشر والحيوانات، وبالتالي نحن ننظر إلى ترتيب مجيد للخليقة كما ينبغي أن تكون الأمور. وكل ذلك يستند على لعب البشرية دور الوساطة بخضوعهم لله نحو الخليقة جاعلين إرادة الله تثمر من خلالنا نحن. [د. جون ماكينلي]

والآن بعد أن نظرنا في النتائج الشخصية والنتائج الشاملة لسقوط الإنسان في الخطية، بتنا مستعدين أن ننتقل إلى الرجاء الذي يعطيه لنا ابن الله بعد السقوط.

رجاء الخليقة

لم يتأخر الله ليعلن خطته لفداء الجنس البشري. في الحقيقة، إن أول بصيص أمل للبشرية جاء ضمن دينونة الله لهم. ففي تكوين ٢: ١٧، هدد الله بموت البشر إن هم أكلوا من شجرة معرفة الخير والشر. لكن عندما أكل آدم وحواء لم يموتا فوراً. بل أظهر الله قسطاً من الرحمة عن طريق تأخيره موتهما. لا بل أظهر المزيد من الرحمة بسماحه للبشر بالاستمرار بخدمته حتى ذلك الحين. وبدل أن يقصيهم عن خطته للخليقة، أبقاهم ضمن عمله.

بعد ذلك فعل الله أمراً أكثر رحمة: وعد بأن يرسل فادياً يحطم خطط إبليس الشرير ويرد شعب الله إلى الولاء له. والإشارة الأولى إلى ذلك الفادي تُسمى عادة بالإنجيل الأول، ونجدها ضمن حكم الله على الحية بعد أن أخطأ آدم وحواء. استمع إلى هذا العقاب في تكوين ٣: ١٥:

وَأَضَعُ عَدَاوَةً بَيْنَكِ وَبَيْنَ الْمَرْأَةِ وَبَيْنَ نَسْلِكِ وَنَسْلِهَا. هُوَ يَسْحَقُ رَأْسَكِ وَأَنْتِ تَسْحَقِينَ عَقِبَهُ. (تكوين ٣: ١٥)

في السقوط، وقف آدم وحواء إلى جانب الحية المتمردة بدل أن يقفا إلى جانب الله. لكن حتى حينها لم يتخلَ الله عن شعبه. ففي هذه الإدانة على الحية، وعد الله بأن نسل المرأة سوف ينقذ الجنس البشري عن طريق الغلبة على الحية.

نتعلم من الرؤيا ١٢: ٩، و٢٠: ٢ أن الحية هي في الواقع إبليس. من هنا، فهم اللاهوتيون الإنجيليون باستمرار أن الإنجيل الأول كان أكثر من وعد بدفع الجزاء عن طريق ذبيحة حيوانية بسيطة، بل إن وعد الله بإرسال فادٍ ليسحق رأس الحية كان وعداً بإنقاذ البشر من نتائج خطيتهم، ويبعدهم عن ولائهم لإبليس ويردّهم للشركة معه كمواطنين أمناء لملكوته.

وتستمر هذه الصور الباكرة للإنجيل في تكوين ٣: ٢١، حيث وفّر الله لآدم وحواء أقمصة من جلد ليستر عورتهما وخجلهما. ولم يبرهن ذلك عن محبة الله المستمرة وسدّه لحاجات الإنسان فحسب، بل هو تطّلع إلى اليوم الذي فيه ستقدّم ذبيحة أكمل لتفدي شعب الله وتغطي خطيتهم. وكما يتضح من العهد الجديد، هذه الذبيحة ستكون ابن الله نفسه.

والآن بعد أن نظرنا في عمل ابن الله في الخلق، بتنا مستعدين أن ننتقل إلى الموضوع الرئيسي الثالث: عمل الابن في الفداء.

  • دليل الدراسة
  • الكلمات المفتاحية

القسم الثاني: الخلق

مخطط لتدوين الملاحظات

II. الخلق

أ. أسبوع الخلق

ب. سقوط الجنس البشري

1. النتائج الشخصية

2. النتائج الشاملة

3. رجاء البشر

أسئلة المراجعة

1. أي شخص من أشخاص الثالوت كان مشتركًا في خلق الكون؟
2. ماذا تعلِّم كولوسي 1: 16 عن المسيح؟
3. بجانب الأمور المادية، ما الذي خلقه الله أيضًا؟
4. ماذا كان هدف الله من خلق كل الأشياء؟
5. ما هي النتائج “الشخصية” للسقوط، بحسب الدرس؟
6. ماذا قال رينولد نيبوهر حول عقيدة الخطية؟
7.ما هي النتائج “الكونية” للسقوط، بحسب الدرس؟
8. كيف تم التعبير عن رجاء الفداء بعد وقت قصير من السقوط، بحسب رواية سفر التكوين؟

أسئلة تطبيقية

1. كيف تؤثر معرفتك بأن يسوع خلق كل الأشياء على علاقتك معه؟
2. بأي الطرق الملموسة تلاحظ النتائج الشخصية للسقوط؟
3. بأي الطرق الملموسة تلاحظ النتائج الكونية للسقوط؟
4. ما أهمية أن تعرف أن الله عبَّر عن رسالة الخلاص لآدم وحواء مباشرة بعد السقوط؟ كيف يؤثر هذا على رؤيتك للأديان الأخرى؟ هل يمكن أن تحتوي هذه الأديان على بعض الحقائق التي تأتي من إعلان الله لآدم وحواء؟

AJAX progress indicator
Search: (clear)
  • البر القضائي
    طاعة يسوع البارة المسندة لنا
  • الصلب
    شكل من أشكال العقاب بالموت تم استخدامه في الإمبراطورية الرومانية القديمة حيث كان يتم ربط المجرمين أو تسميرهم إلى الصليب ثم يتم تعليقهم هناك حتى يموتوا، في الغالب بسبب الاختناق، وهي الوسيلة التي مات يسوع بواسطها
  • العهد
    اتفاق قانوني ملزم يقطعه شخصان أو مجموعتان من الأشخاص، أو بين الله وشخص أو مجموعه من البشر.
  • الكريستولوجي
    دراسة وعقيدة شخص وعمل يسوع المسيح
  • المقاصد الأزلية
    مصطلح آخر "للمشورة الأزلية"؛ أي خطة الله الأزلية للكون التي وضعها قبل عمل الخلق
  • جوهر الله
    الواقع الذي لا يتغير والذي يكمن خلف كل ما يكشفه الله عن نفسه بإظهارات متغيرة. طبيعة الله الأساسية أو الجوهر الذي يتكون منه
  • عهد الفداء
    عهد دخل فيه أقانيم الثالوث في ترتيب مهيب لضمان الفداء ولتطبيقه على الخليقة الساقطة، وخصوصًا على البشرية الساقطة.
  • عهد النعمة
    التحمل والمميزات التي يعطيها الله لكل من هو جزء من شعبه العهدي، حتى وإن لم يكونوا مؤمنين حقيقيين.
  • يوم الرب
    تعبير تقني (بالعبرية: "يوم يهوه") يشير إلى انهزام ودينونة أعداء الله النهائي والمعركة العظيمة التي ستحدث عندما يتم استرداد شعب الله للأرض
  • فساد
    حالة الفساد الأخلاقي الناتج عن سقوط البشرية في الخطية
  • التدبيرية
    مصطلح يعني "متعلق بإدارة المنزل"، يُستخدم في الحديث عن كيفية تعامل الأقانيم الثلاثة للثالوث بعضهم مع بعض
  • المشورة الأزلية
    خطة الله الأزلية للكون، والتي أسسها قبل عمل الخلق
  • سبق المعرفة
    معرفة الله، من قبل الخليقة، بالأحداث التي سوف تجري عبر التاريخ
  • وجودي
    معنى المصطلح "المختص بالكينونة"؛ يُستخدم للإشارة إلى حقيقة أن الأقانيم الثلاثة للثالوث يمتلكون نفس الصفات الإلهية والجوهر الإلهي.
  • الثالوث
    تعبير لاهوتي يُستخدم للتعبير عن حقيقة أن الله جوهر واحد في ثلاثة أقانيم
  • يهوه
    اسم عبراني لله، عادة ما تترجم "رب"، ويأتي من جملة "أكون من أكون"
الاختباراتالحالة
1

نؤمن بيسوع - الدرس الأول - الامتحان الثاني

‫القسم ‫السابق

انجازك في الدورة

محتوى الدورة الدراسية

ابدأ هنا- مخطط الدورة الدراسية
الدرس الأول: الفادي
  • تحضير الدرس الأول
  • نؤمن بيسوع - الدرس الأول - القسم الأول
  • نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الثاني
  • نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الثالث
  • نؤمن بيسوع – الدرس الأول – القسم الرابع
  • الأسئلة التعبيرية
  • الأسئلة المقالية
الدرس الثاني: المسيح
  • تحضير الدرس الثاني
  • نؤمن بيسوع - الدرس الثاني - القسم الأول
  • نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الثاني
  • نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الثالث
  • نؤمن بيسوع – الدرس الثاني – القسم الرابع
  • الأسئلة التعبيرية
  • الأسئلة المقالية
الدرس الثالث: النبي
  • تحضير الدرس الثالث
  • نؤمن بيسوع - الدرس الثالث - القسم الأول
  • نؤمن بيسوع - الدرس الثالث - القسم الثاني
  • نؤمن بيسوع - الدرس الثالث - القسم الثالث
  • الأسئلة التعبيرية
  • الأسئلة المقالية
الدرس الرابع: الكاهن
  • تحضير الدرس الرابع
  • نؤمن بيسوع – الدرس الرابع – القسم الأول
  • نؤمن بيسوع – الدرس الرابع – القسم الثاني
  • نؤمن بيسوع – الدرس الرابع – القسم الثالث
  • الأسئلة التعبيرية
  • الأسئلة المقالية
الدرس الخامس: الملك
  • تحضير الدرس الخامس
  • نؤمن بيسوع - الدرس الخامس - القسم الأول
  • نؤمن بيسوع - الدرس الخامس - القسم الثاني
  • نؤمن بيسوع - الدرس الخامس - القسم الثالث
  • الأسئلة التعبيرية
  • الأسئلة المقالية
الدرس السادس: القراءات المطلوبة
  • متطلبات القراءة 1
  • متطلبات القراءة 2
  • متطلبات القراءة 3
العودة إلى نؤمن بيسوع

Copyright © 2021 · Education Pro 100fold on Genesis Framework · WordPress · Log in