المواضيع الرئيسية
إرث العهد القديم
الاقتباسات والإشارات الضمنية
ملكوت السماوات
الملك المسيحاني
القادة اليهود غير المؤمنين
موضوعات ذات صلة
التواضع واللطف
عائلة الله
موضوعات ذات صلةالدعوة
الخاتمة
موضوعات ذات صلة
المواضيع الرئيسية
إرث العهد القديم
الاقتباسات والإشارات الضمنية
ملكوت السماوات
الملك المسيحاني
القادة اليهود غير المؤمنين
التواضع واللطف
شعب الله
الكنيسة
عائلة الله
الدعوة
الخاتمة
المواضيع الرئيسية
سنوجه في هذا الجزء من درسِنا انتباهَنا إلى موضوعَين رئيسييَن يشدّد عليهما متى في كل إنجيله: إرث العهد القديم لملكوت يسوع وإنجيله، وشعب الله الذي من أجله أتى يسوع بالملكوت.
لنبدأ بتشديد متى على إرث العهد القديم لملكوت يسوع وإنجيله.
إرث العهد القديم
إنجيل متّى هو في الحقيقة سجل رائع للطريقة المدهشة التي أنبأ بها العهد القديم بمجيء يسوع المسيح. فيسوع ظهر على الساحة، وهو “تجسيد لشعب إسرائيل”. فقد نزل إلى مصر، وأُجبِر على الخروج إلى البريّة حيثُ جُرِّب، وصعد إلى الجبل وراح يتلو الشريعة ثانيةً. كل هذه الصور لموسى الجديد أو لشعب إسرائيل، تجد أصلها وهدفها في العهد القديم. فحين دُعي شعب إسرائيل، حين اختاره الله، عندها، لم يكن هذا امتيازاً للتمتُّع به، بل كان مسؤوليةً ينبغي الاضطلاع بها، وهي أن يكون بركة للأمم. لكن، بسبب تاريخ شعب إسرائيل الطويل والدراماتيكي في الخطيّة، لم يتمكّن من أن يكون لنفسه أو للأمم ما دُعي لأن يكونه. وها هو يسوع، ابن الله، إسرائيل المتجسّد يظهر على مسرح الأحداث، ويصير لشعب إسرائيل ما لم يتمكن من أن يكونه لنفسه وللأمم. وأظن أن هذا يعطينا صورة أجمل وقراءة أعمق لما يشير إليه العهد القديم بشأن يسوع بدلاً من رؤيته في آية هنا أو هناك. نراه في كل تاريخ إسرائيل. نراه في اختيار إسرائيل. ففشل إسرائيل ينبئ بمجيء يسوع المسيح. ومتّى يشير إلى هذا بوضوح خاصّة في الفصول الخمسة أو الستة الأولى من إنجيله. [د. مارك غينيليت]
إن مضمونَ الكتابِ المقدسِ، في الدرجةِ الأولى، هو عن ارتباطِ اللهِ بشعبِه برباطِ محبةٍ لا يَنقَطِعُ. هي قِصةُ أمانتِه في حِفظِه وعودِه لهم بأن يكونَ معَهم ويُبارِكَهم. لهذا السببِ، أخبرَ متى معاصريه من شعبِ اللهِ، أن ما زال في مقدورِهم أن يثقوا بالوعودِ القديمةِ، ويؤمنوا بأنَ اللهَ يعملُ في أيامِهم من خِلال شَخصِ يسوعَ. لهذا السببِ كان متى واثقاً جداً في اقتِباسِه باستمرارٍ من العَهدِ القديمِ ليدعمَ أقوالَ المَلِكِ المسيحانيِّ، يسوعَ المسيحِ وخِدمَتَه.
سنبحث بإيجاز في خمسة نواح برهن متى من خلالها على أن العهد القديم هو إرث ملكوت يسوع وإنجيله، وهي: الاقتباسات والإشارات الضمنية في متى إلى العهد القديم، وتشديده على ملكوت السماوات، ووصفه يسوع بـالملك المسيحاني، وصراع يسوع مع القادة اليهود غير المؤمنين، ثم تواضع يسوع ولطفه. لنبدأ مع الاقتباسات والإشارات الضمنية في متى إلى العهد القديم.
الاقتباسات والإشارات الضمنية
اقتبس متى من العهد القديم أكثر بكثير من كتّاب الأناجيل الآخرين. ويختلف الدارسون حول عدد المرات التي اقتبس فيها متى من العهد القديم بشكل مباشر، لكنه فعل ذلك على الأقل أربعين مرة، وهناك اقتباسات عديدة غير مباشرة من العهد القديم وردت في إنجيله.
كان لمتى مصطلح يردده هو عبارة “لكي يتمّ” كلما رغب في إظهار الرابط بين ما جاء في العهد القديم من نبوءات بالأحداث الجارية في حياة يسوع.
على سبيل المثال، استمع إلى ما كتبه متى في ٨: ١٧:
لِكَيْ يَتِمَّ مَا قِيلَ بِإِشَعْيَاءَ النَّبِيِّ الْقَائِلِ: “هُوَ أَخَذَ أَسْقَامَنَا وَحَمَلَ أَمْرَاضَنَا”.
مباشرة قبل هذا الاقتباس من العهد القديم، روى لنا متى الكثير من شفاءات يسوع. لكنه لم يشأ أن ينظر قراؤه إلى يسوع كشافٍ فقط. بل أرادهم أن يعرفوا أن يسوع شفى الناس إتماماً لوعود العهد القديم.
كان المهم من وجهة نظر متّى، كما ينبغي أن يكون مهمّاً من وجهة نظرنا، هو أنّ لدينا في يسوع إظهار ملكوت الله الآتي الذي كان الشعب يتوق إليه وينتظره. فلم يكن الشعب ينتظر بالضرورة مسيحاً يتمّم نبوةً معينة ذكرت في الماضي، بل كانوا يتوقون إلى الحرية، وإلى الانعتاق، وإلى الإصلاح، وإلى الخلاص. وقد علمهم العهد القديم أنه حين يأتي ملكوت الله، فإنّه سيُعلَن من خلال شخصٍ مُعيَّن هو المسيح الموعود، وعند ذلك الإعلان سيبدأ حكم الله. وكل الإصلاح والخلاص والبركات التي وعد العهد القديم بها ستبدأ في الإثمار. ولذا، لم يكتف الرسل عموماً، ومتّى خصوصاً، بالجلوس وفي أيديهم قائمة من التنبُّؤات ينتظرون من يحقّقها، ولكنّهم رأوا شخصاً في أعماله وفي تعليمه وفي شخصيته وفي كل ما فيه، رأوا إعلان ملكوت الله. وفي الحقيقة، كان ملكوت الله في يسوع. فيسوع لم يعلِن الملكوت فقط، ولكنّه أتى بذلك الملكوت أيضاً. وهكذا، انطلاقاً من اختبار قوة يسوع وتعليمه وعمله، عاد الرسل، بمَن فيهم متّى، إلى العهد القديم ليروا كيف أنبأ العهد القديم به. وحين قرأوا أسفار العهد القديم بعد اختبارهم ليسوع، وجدوا أن أسفار العهد القديم قد شهدت في الحقيقة له، وله هو بالتحديد. ولذا، حين نقرأ في العهد القديم، فإننا لا نقرأه وأمام أعيننا عدسة مكبّرة فحسب، ولكنْ نقرأه ساعين إلى لقاءٍ مع المسيح نفسه، المسيح الذي هو موضوع الأناجيل الرئيسي، حيث يأتي كالشاهد على ملكوت الله، وكتجسيدٍ لهذا الملكوت. [ق. مايكل غلودو]
الناحية الثانية التي يمكن من خلالها أن نرى تشديد متى على إرث العهد القديم، نجدها في تشديده على ملكوت السماوات.
ملكوت السماوات
وعد الله في العهد القديم بأن يبارك شعبه، وأن تأتي تلك البركة من خلال ملك من سلالة داود. وقد أعلن متى أن بركة ملكوت الله في يسوع كانت الإتمام لتلك الوعود القديمة.
ويذكّر يسوع نفسه الشعب في إنجيل متى بهذه الحقيقة. وهو يعلّم باستمرار أن الله أمين لوعود ملكوت العهد القديم. بهذه الطريقة استطاع يسوع أن يقدّم ملكوته كأخبار سارة، رغم ما يستتبعه من ألم. ومع أنه لم يتمّم نبوات العهد القديم كلها. أصرّ يسوع أن يثق شعبه بكلمة الله في العهد القديم بصورة كافية بحيث يؤمنون أن يسوع سيعود في النهاية ليتمّم كل ما بدأه سيعود في النهاية ليتمم كل ما وعد الله به.
في الواقع، هذه الثقة في صورة العهد القديم عن ملكوت السماوات، هي الأساس وراء دعوة يسوع تلاميذه باستمرار ليخضعوا للعهد القديم ويثقوا به. وهي الأساس وراء وصيته لهم بأن يحبوا ويخدموا بعضهم بعضاً، كمواطنين في ملكوت الله.
ومعرفة أن إله السماوات والأرض يسود على كل التاريخ وأنه أمين لوعوده، يجب أن تشكّل دافعاً لشعبه في كل عصر، ونحن من ضمنهم، لكي يثقوا بأن وعوده في المسيح ما زالت صالحة. كما يجب أن تلهمنا هذه المعرفة لنؤمن أنه في يوم من الأيام سيجعل الله كل شيء جديداً ومستقيماً وتعطينا القوة والثبات بينما ننتظر الله بصبر ليحقق ملكوته بكل ملئه.
أما الناحية الثالثة التي شدّد متى من خلالها على إرث العهد القديم لملكوت يسوع وإنجيله كانت بالتشديد على كون يسوع هو الملك المسيحاني الموعود.
الملك المسيحاني
سبق وذكرنا هذه الفكرة في هذا الدرس عندما تحدثنا عن سلالة نسب يسوع. وهذا يُرى أيضاً في واقع تسمية متى يسوع ابن داود أكثر من كل كتّاب الأناجيل مجتمعين. كما استخدم متى الكثير من الألقاب الملكية ليسوع، بما في ذلك ملك اليهود، ملك إسرائيل، مَلكُكِ، وببساطة ملك. علاوة على ذلك، بعض الأعداد التي يستخدم فيها متى ألقاباً ملكية ليسوع لا ترد في أي إنجيل آخر.
على سبيل المثال، في متى ٢: ٢، دوّن متى لنا سؤال المجوس:
أَيْنَ هُوَ الْمَوْلُودُ مَلِكُ الْيَهُودِ؟
لا نجد هذا العدد في أي إنجيل آخر، كما لا نجد مثل هذا التشديد العظيم على يسوع المسيح كملك.
أما التشديد الرابع على إرث العهد القديم لملكوت يسوع وإنجيله، فهو صراع يسوع مع القادة اليهود غير المؤمنين.
القادة اليهود غير المؤمنين
قد يكون وقع قرّاء متى الباكرون في تجربة اعتبار صراع يسوع مع العديد من القادة في إسرائيل كبرهان على أنه ليس المسيح. ولكي يبعدهم متى عن هذا الاستنتاج، أوضح لهم أن الله كان متمسكاً بوعوده من خلال يسوع على الرغم من عدم أمانة القادة اليهود.
مرة تلو المرة، رفض يسوع تعاليم الفريسيين ومعلمي الشريعة. وقد صحّح آراءهم حول الصوم في متى ٩: ١٤ – ١٧، وحول السبت في ١٢: ١ – ١٣، وحول غسل الأيدي في ١٥: ١ – ٢٠. ومعظم الموعظة على الجبل، لا سيما ٥: ١٧ – ٤٨ –– تظهر التباين بين وجهة النظر اليهودية لشريعة الله وبين تطبيق يسوع لتلك الشريعة.
يتساءل الناس في بعض الأحيان في شأن قول يسوع: “قد سمعتم أنّه قيل … وأما أنا فأقول لكم”، في عظته على الجبل: هل كان يسوع يناقض ما قيل في العهد القديم؟ ولكن نجد أن القراءة الأوضح تقودنا إلى أن يسوع كان يدحض بعض الطرق التي بها فسّر الكتبة ومعلّمون كثيرون عبر العصور والأجيال شريعة العهد القديم، وفيها يرد ما قاله الله حقاً. وما يفعله يسوع هُنا هو أنّه يقدّم نفسه بصفته مفسّر شريعة الله بالاستقامة، كما يقوم بتطبيق المكتوب في شريعة الله على سامعيه في تلك الأيام. [د. سايمن فايبرت]
حين تكلّم يسوع في الموعظة على الجبل مستخدماً الكلمات “سمعتم أنه قيل … وأما أنا فأقول لكم،” لم يقصد إلغاء العهد القديم، بل ما قصده في الحقيقة، هو العكس تماماً فقد قال ما حرفيّته: “جئتُ لأتمّم الناموس”. ولكن ما فعله يسوع في الحقيقة، هو أنه استخدم أسلوباً رابينياً كان معلّمو الناموس يستخدمونه في الحديث عن سلطانهم في التعليم. “سمعتُم كثيرين في التقليد يقولون هذه الأشياء عن تعاليم الشريعة، وأما أنا فأقول لكم”. وكلامه يأتي بسلطةٍ حاضرة، بسلطة إضافية. وهكذا، فإنَّ ما يعمله يسوع هو تأكيده على سلطانه في التعليم باستخدام هذا الأسلوب المعروف جداً في التعليم. وهذا ليس ليقلّل من سلطة أو قيمة شريعة العهد القديم، بل ليقول أمراً مهماً من الناحية اللاهوتيّة والكريستولوجيّة ]أي علم المسيح[، وكأنه يقول: “مهم أن يُفسَّر العهد القديم في ضوء علاقته بي وبتعليمي أنا للشريعة”. [د. غريغ بيري]
كلا، لم يكُن يسوع يناقض العهد القديم. بل أحد المواضيع التي نراها في إنجيل متّى هو أن يسوع هو موسى الجديد، وأنّه أعظم من موسى. فلدينا إعلان العهد المعطى من خلال موسى، وهو كلمة الله ذات السلطان. ولكن يسوع يقف بصفته المُفسّر الأسمى للشريعة. جزءٌ كبير مما نراه في الموعظة على الجبل يمثِّل تفسيراً دقيقاً لما قصده موسى. وبهذا، لم يُلغِ يسوع الوصية التي تقول “لا تقتل”، ولكنَّه ببساطة وضّح لنا أن القتل يبدأ في القلب بالغضب. تذكَّر جيّداً كيف يبدأ هذا القسم. قال يسوع: “ما جئتُ لأنقض بل لأكمِّل”. وأنا أرى أنّه يقصد تفسير الشريعة بشكلٍ صحيح. أنا أرى أن ما يقدّمه يسوع هنا هو في الحقيقة تتميم للقصد الحقيقي للشريعة. فينبغي تفسير الشريعة في ضوء مجيء يسوع وفي ضوء موت يسوع وقيامته وخدمته. وحين نفهم الأمر بهذه الطريقة، نرى أن يسوع لا يبطِل شريعة العهد القديم بل يتمّمها. [د. توماس شراينر]
لقد تمّم يسوع حقاً توقعات العهد القديم المسيحانية. لكن العديد من اليهود رفضوه لأن توقعاتهم الخاصة لم تكن منسجمة مع العهد القديم. وسوء فهمهم هو تحذير لجميع الذين يسعون إلى إتباع يسوع. فهي تنبهنا من وضع حدود اصطناعية على ما يمكن لله أن يفعله، بل أن ندعه هو يحدّد لنا ما يجب أن تكون آمالنا وتوقعاتنا.
والناحية الخامسة في تشديد متى على إرث العهد القديم عند يسوع واضحة في وصفه لتواضع يسوع ولطفه.
التواضع واللطف
فهم اليهود في زمن يسوع على نحو صحيح، أنه وِفق العهد القديم، سيرسل الله جنديه الجبار ليخلص شعبه. لكن متى شدّد على أن خلاص الله العظيم متجذر في حنان يسوع الرقيق على شعبه. ودعم موقفه هذا عن طريق الاقتباس من العهد القديم.
على سبيل المثال، في متى ١١: ٢٩، دعا يسوع الثقيلي الأحمال بهذه الكلمات:
اِحْمِلُوا نِيرِي عَلَيْكُمْ وَتَعَلَّمُوا مِنِّي، لأَنِّي وَدِيعٌ وَمُتَوَاضِعُ الْقَلْبِ، فَتَجِدُوا رَاحَةً لِنُفُوسِكُمْ.
هنا، اقتبس يسوع من إرميا ٦: ١٦ ليبرهن أن المسيح سوف يوفر راحة لشعبه.
كذلك، في متى ١٢: ١٥ – ٢١، دوّن لنا متى خدمة يسوع الشفائية الرحومة، واقتبس من إشَعياء ٤٢: ١ – ٤ ليشرح لنا ما كان يسوع يفعله.
استمع إلى وصف يسوع في متى ١٢: ١٩ – ٢٠:
لاَ يُخَاصِمُ وَلاَ يَصِيحُ وَلاَ يَسْمَعُ أَحَدٌ فِي الشَّوَارِعِ صَوْتَهُ. قَصَبَةً مَرْضُوضَةً لاَ يَقْصِفُ، وَفَتِيلَةً مُدَخِّنَةً لاَ يُطْفِئُ.
لم يكن يسوع الملك العسكري القاسي الذي كان اليهود ينتظرونه ليقودهم ضد روما. لكنه كان لطيفاً وحنوناً.
انسجاماً مع العهد القديم، صوّر متى يسوع كملك منتصر، وكمعلم ذي سلطان لشعب الله. وفي الوقت عينه، شدّد متى على كون يسوع ملكاً متواضعاً وحنوناً. وتحثنا الدعوة على إتباع يسوع في حياتنا وخدمتنا على قول الحقيقة بالحنان ذاته الذي تمثل في حياة يسوع.
وشدَّد متى على تُراثِ العهدِ القديمِ لملكوتِ يسوعَ وإنجيلِه بطرقٍ عدة متنوعةٍ. كما أوضحَ في الوقتِ عينِه، أن يسوعَ قد تَمّمَ كلَ توقُعاتِ العَهدِ القديمِ بطريقةٍ فاقتِ الأفكارَ السائدةَ. فالخبرُ السارُّ، الإنجيلُ، هو إتمامُه لتلك التوقعاتِ. فالملكوتُ، والشريعةُ، ولا سيما الملكُ نفسُه، كلها تمّتْ بمجيءِ ملكوتِ السماواتِ من خلالِ يسوعَ إلى الأرضِ.
بعد أن نظرنا إلى إرث العهد القديم لملكوت يسوع وإنجيله، بتنا مستعدين أن نتأمل بموضوع شعب الله.
شعب الله
في إنجيل متى، كما في بقية الكتاب المقدس، شعب الله هم أولئك الذين ينتمون إلى الله، أولئك الذين يحفظهم الله كمقتنى ثمين، وكالشعب المميّز الذي ساد عليه كملك. فهم ليسوا فقط في علاقة مباشرة مع الله، بل أيضاً في علاقة وثيقة مع كل شخص آخر ينتمي إليه.
سنتناول موضوع شعب الله في ثلاث كلمات. الأولى، كيف عرّف متى شعب الله بالكنيسة. والثانية، كيف دعاهم عائلة الله. والثالثة، الدعوة التي تلقاها شعب الله من يسوع. لنبدأ بفكرة أن لكنيسة هي شعب الله.
الكنيسة
في العهد القديم كانت إسرائيل شعب الله. لكن في العهد الجديد، شعب الله يسمون غالباً “الكنيسة”. والكلمة “كنيسة” في متى هي ترجمة للكلمة اليونانية إكليسيا. وفي السبعينية، وهي الترجمة اليونانية للعهد القديم، ترد إكليسيا كترجمة للكلمة العبرية قهال، واستخدمها العهد القديم بصورة خاصة للإشارة إلى جماعة أو جمهور شعب إسرائيل. وهذا التحوّل في المفردات – من “جماعة” إسرائيل إلى “الكنيسة” المسيحية – يبرهن من ناحية أن متى وجد في الكنيسة المسيحية استمرارية لجماعة إسرائيل.
انظر إلى استخدام الكلمة العبرية قهال أو “جماعة” في العهد القديم. فشعب إسرائيل يشار إليهم بـ”الجماعة” في لاويين ١٦: ٣٣، وفي كتاب العدد ١٦: ٤٧، وفي القضاة ٢٠: ٢، والمزمور ٢٢: ٢٢. في الواقع “جماعة شعب الله” كانت مهمة جداً في العهد القديم بحيث كانت إحدى التسميات التي استخدمها النبي يوئيل في إشارته إلى إسرائيل عندما تنبأ أن الله سيحيي شعبه في الأيام الأخيرة. وهو أعلن في يوئيل ٢: ١٦:
اِجْمَعُوا الشَّعْبَ. قَدِّسُوا الْجَمَاعَةَ.
الكلمة المترجمة “جماعة” في الأصل العبري لهذا العدد هي قهال. لكن في الترجمة السبعينية اليونانية، الكلمة المستخدمة هي إكليسيا، وهي الكلمة التي تترجم عادة “كنيسة” في العهد الجديد.
وقد استخدم متى الكلمة ذاتها عندما دوّن كلمات يسوع التالية في متى ١٦: ١٨:
أَبْني كَنِيسَتِي.
كرّر يسوع هنا نبوة يوئيل عندما قال أنه سيبني كنيسته أي قهال، أو جماعته المسيحانية في الأيام الأخيرة.
يقول يسوع في إنجيل متى إنه سيبني كنيسته. وأظن أنه من الجيد البدء بتذكُّر أن الكلمة المُستخدمة في العهد الجديد للكنيسة هي كلمة يونانية تُستخدم للإشارة إلى فكرةٍ في العهد القديم هي “جماعة شعب الله”، في العبرية “قهال“. وهكذا، فإن كنيسة العهد الجديد هي استمرارية لجماعة العهد القديم، جماعة شعب الله. [ق. مايكل غلودو]
سبق لنا ورأينا أن أحداث متى ١٦ وردت في وقت تنامت فيه المقاومة بسبب إعلان يسوع بأنه الملك المسيحاني. وهذه المقاومة هي إحدى الأسباب التي جعلت يسوع يشجّع تلاميذه عن طريق إشارته إلى جماعة إسرائيل، فقد أرادهم أن يثقوا بخطته لبناء جماعته المسيحانية أو الكنيسة.
وقد أوضحت كلمات يسوع أن الكنيسة تنتمي إليه. فهي لا تنتمي إلى بطرس، ولا تنتمي إلى إسرائيل. فهي ليست مؤسسة ديمقراطية يمتلكها أعضاؤها، بل هي كنيسة المسيح، وهي نقطة سبق لمتى أن أشار إليها في مقدمة إنجيله عندما دوّن كلمات الملاك إلى يوسف.
استمع إلى ما دونه متى في ١: ٢١:
فَسَتَلِدُ ابْناً وَتَدْعُو اسْمَهُ يَسُوعَ. لأَنَّهُ يُخَلِّصُ شَعْبَهُ مِنْ خَطَايَاهُمْ.
في هذا العدد، وقبل أن يولد يسوع أكد الملاك ليوسف أن الطفل في أحشاء مريم هو المسيح الموعود الذي ينتمي اليه كل شعب الله. فهو ملكهم وهم شعبه.
وهكذا فإننا لسنا مجرّد أتباع ليسوع كأفراد، بل نحنُ تجسيد لهذه الخليقة الجديدة التي أوجدها يسوع بقيامته من الموت وبإعطائه الروح القدس لنا بصفتنا هيكله الجديد. وبهذا، نحنُ نمثّل حضور الله في الكنيسة، حيث يجد الناس الرحمة والغفران، وحيث يمكنهم أن يجدوا ما يحتاجون إليه، وحيث يمكنهم أن يجدوا الرِّفقة حين يشعرون بالوحدة. فالكنيسة إذاً تذوُّق للسموات الجديدة والأرض الجديدة التي يوماً ما ستكون مرئيةً في كل الخليقة. [ق. مايكل غلودو]
عندما يكون شعب الله تحت الضغط، عندما تهدّد أحداث الحياة بأن تعيقهم، عندما يشعرون بالظلام الذي يحيط بهم، فإن قول يسوع يشجعهم: “أنا أبني كنيستي. أنا أبني جماعتي المسيحانية”. وهو يطمئننا بأنه هو ملكنا، وبأنه مهتم بمصلحتنا، وانه حتماً سينقذنا ويباركنا في النهاية. قد لا يحصل ذلك في هذه الحياة. لكنه سيحصل حتماً. يمكننا أن نثق بذلك.
بالإضافة إلى وصف شعب الله بالكنيسة، اعتبره متى أيضاً عائلة الله.
عائلة الله
يستخدم إنجيل متى تعابير عائليةً مثل “أب”، “ابن”، و”أخ” أكثر من ١٥٠ مرة ليصف علاقة شعب الله بنفسه، وببعضهم البعض. ولم يستخدم أحد من كّتاب الأناجيل الآخرين تعابير عائليةً سوى يوحنا. لكن عندما استخدمها يوحنا، كان يتحدث نموذجياً عن العلاقة بين يسوع وأبيه السماوي.
بالمقابل، عندما استخدمها متى، كان يتحدث عن عائلة الله. وبصورة رئيسية، استخدم متى هذه المفردات للتشديد على الاهتمام والحماية التي أظهرها الله لأولاده.
على سبيل المثال، في متى ٦: ٤، تكلم يسوع عن عناية الله بشعبه بهذه الطريقة:
فَأَبُوكَ الَّذِي يَرَى فِي الْخَفَاءِ هُوَ يُجَازِيكَ عَلاَنِيَةً.
وقد استخدم هذه اللغة ذاتها مرة ثانية في العدد ٦، ومن جديد في العدد ١٨. وقد كان قصده أن الله مهتم بأولاده، ومصمم على تشجيعهم وسد احتياجاتهم.
وعندما علّم يسوع تلاميذه كيف يصلّون، استهل تعليماته في متى ٦: ٨ بقوله لهم:
لأَنَّ أَبَاكُمْ يَعْلَمُ مَا تَحْتَاجُونَ إِلَيْهِ قَبْلَ أَنْ تَسْأَلُوهُ.
يمكننا أن نثق بأن الله سيباركنا، وأنه يسمع صلواتنا، لأننا نعلم أنه أبونا المحب.
أنا متخصّص في التعليم عن تكوين البنية الروحية. وأحد الأمور التي أقولها عن الصلاة الربانية هي أننا نبدأها بإدراك أننا في أي لحظة يمكن أن يكون الملايين من الناس يصلّونها في الوقت نفسه. وأحد أسباب دعوتنا إلهنا بـ”الله” هو أنَّه يستطيع سماع كل كلمة من هذه الصلوات، ويتعامل معها كما لو كانت الصلاة الوحيدة المرفوعة إليه. ولكنّ هذا يأتي بنا إلى شركة مُقدسة، مع جزءٍ من سكان ملكوت السموات. ضمير الجمع مرتبط بالكلمة “أب”. فمهما كنتُ، وأينما كنتُ وأنا أصلّي، فإنني أتوجّه إلى الله بصفته “أبا” Abbaأتوجّه إلى الله بصفته الآب. وإن كان شخصٌ ما في سوريا يدعو الله قائلاً: “أيّها الله الآب،” وأنا أدعو الله الآب في مصر، فهذا يعني أننا أخَوان أو أختان. فإن كان لنا أبٌ واحد، فإننا أعضاء العائلة نفسها. ولذا، أظن أن متّى يتحدّث عن هذا الأمر بطريقة قوية من خلال مفهوم ملكوت السماوات الذي يستخدمه بشكلٍ متكرّر. ولكنّ حياة الصلاة هي التي تجعلني أدرك أنه في اللحظة التي أصلّي فيها – أصلّي فيها مع آخرين يقولون ما أقوله أنا فهذا يعني أننا معاً عائلة واحدة. [د. ستيف هاربر]
ليس من أمرٍ يشجّعنا أكثر من التفكير بحقيقة أنَّ الله تبنّانا فصرنا جزءاً من عائلته. أمرٌ عظيم أن ننال الغفران، ولكن كما يقول جيمز باكر في كتابه معرفة الله، أمرٌ عظيم أن نتبرّر، والأعظم منه هو أن يتبنانا الله ويضمّنا إلى عائلته. كون الله أبانا هو في الحقيقة ذروة عمل الله في حياتنا. فلا ننال العفو والغفران من القاضي فحسب، بل ويتبنّانا الله القاضي فيكون أبانا، ونحنُ أولادَه. وبهذا نكون شركاء مع المسيح في الميراث. فكل ما يناله يسوع، وهو كل شيءٍ في الكون، سيكون لنا أيضاً، سيكون ميراثنا نحنُ أيضاً. كُنا في الماضي أبناء الغضب وكان ميراثنا ونصيبنا عقاب الله. ولكنَّنا الآن انتقلنا من العقاب والدينونة وصرنا شركاء المسيح في الميراث. نحنُ شركاء الطبيعة الإلهية، ونحنُ ندُعى بحق إخوة المسيح، لأنّ لنا البنوّة به ومن خلاله. فقد أبدل أسمالنا البالية القذرة – فسادنا – ببرّ المسيح. وبهذا نحن صرنا أولاد الله، ودُعينا لنكون جزءاً من عائلته. هذه أعظم بركة يمكننا تخيُّلها. [د. إريك ثيونيس]
في متى ٦: ٢٥ – ٣٤، استخدم يسوع مثلين مختلفين ليطمئن أولاده بعنايته. فتحدث عن “طيور السماء” و”زنابق الحقل”، مشيراً إلى أن الله يعتني بحاجات أصغر مخلوقاته. وحجته هي، إن كان الله يعتني بهذه الأمور الصغيرة، فلا شك أنه يعتني أكثر بأولاده. فأبونا السماوي يوفّر لنا الأفضل من طعام ولباس وحماية.
كما شدّد يسوع على محبة الله وحمايته عندما حذّر تلاميذه من الصعوبات التي سيواجهونها في الخدمة. على سبيل المثال، في ١٠: ١٩ – ٢٠، أخبرهم يسوع أنهم سيُعتقلون ويُحاكمون. لكنه أخبرهم أيضاً أن روح أبيهم سيكون معهم. وذكّرهم أنه عندما تكون حياتهم في خطر بسبب خدمتهم، فإن أباهم السماوي سيحفظهم.
استمع إلى كلمات يسوع المشجعة في متى ١٠: ١٩ – ٣١:
أَلَيْسَ عُصْفُورَانِ يُبَاعَانِ بِفَلْسٍ؟ وَوَاحِدٌ مِنْهُمَا لاَ يَسْقُطُ عَلَى الأَرْضِ بِدُونِ أَبِيكُمْ. أَمَّا أَنْتُمْ فَحَتَّى شُعُورُ رُؤُوسِكُمْ جَمِيعُهَا مُحْصَاةٌ. فَلاَ تَخَافُوا! أَنْتُمْ أَفْضَلُ مِنْ عَصَافِيرَ كَثِيرَةٍ!
بالنسبة لمؤمنين كثيرين، الحياة المسيحية صعبة جداً. ففي مناطق كثيرة يتعرّضون للاضطهاد. وما يملأ حياتهم بالفرح الغامر هو أنهم جزءٌ من جسد المسيح، ويستطيعون القول إنهم شعب الله. يُعلن الكتاب المُقدس أن الله أبونا. ويخبرنا الفصل ٨ من رسالة رومية بأن لدينا امتيازاً عظيماً – هو أن ندعو الله “آبا”. وهناك حقيقة عظيمة أخرى هي أن كذلك الله يعتني بنا باستمرار لأننا أفراد عائلته. ولذا، بالنسبة للمؤمن، جوهر حياته هو التشجيع الذي يحصل عليه من خلال المسيح لأن الله هو الآن أبونا. [د.جِف لومان]
بعد أن بحثنا في شعب الله ككنيسة وكعائلة لله في الوقت عينه، غدونا مستعدين أن نبحث في دعوة شعب الله.
الدعوة
يتمتع شعب الله بامتياز عظيم لكونه كنيسة الله وعائلته. لكن دعوتنا أن نكون شعبه تتضمن المشقات والخطر والآلام. فيسوع نفسه الذي هو ملكنا المسيحاني قد تألم. ونحن إذ نتبعه، سنتألم كذلك.
على سبيل المثال، في متى ١٠: ٣٤ – ٣٦، قال يسوع إن دعوتنا تتميّز بالنضال. استمع إلى ما قاله هناك:
لاَ تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَماً عَلَى الأَرْضِ. مَا جِئْتُ لأُلْقِيَ سَلاَماً بَلْ سَيْفاً. فَإِنِّي جِئْتُ لأُفَرِّقَ الإِنْسَانَ ضِدَّ أَبِيهِ، وَالابْنَةَ ضِدَّ أُمِّهَا، وَالْكَنَّةَ ضِدَّ حَمَاتِهَا. وَأَعْدَاءُ الإِنْسَانِ أَهْلُ بَيْتِهِ.
وفي متى الفصل ١٦: ٢٤ – ٢٥، أشار إلى ذلك بالشكل التالي:
حِينَئِذٍ قَالَ يَسُوعُ لِتَلاَمِيذِهِ: “إِنْ أَرَادَ أَحَدٌ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي، فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي يَجِدُهَا.
عرف يسوع أن شعبه سيُرفض كما رُفض هو. فبالنسبة لملكنا، الألم هو طريق المجد. وهذا ينطبق علينا.
حين كان يسوع على الصليب، ربما كان الناس يفكّرون بأنه خسر المعركة. وحين وُضِع جسده في القبر، ظنوا أنه خرج من الحسبان وانتهى، ولكنّهم نسوا أمر صباح اليوم الثالث. فقد قال: “انقضوا هذا الجسد وأنا أقيمه”. وحين نفكّر بما تعرَّضت له الكنيسة من نبذٍ ورفضٍ وانتقاد وإساءة في كل ناحية، ندرك أن الكنيسة التي أطلقها للعمل هي الكنيسة ذاتها التي تعمل اليوم. انظروا إلى مقدار ما تحمّلته الكنيسة وصمدت فيه، وإلى مقدار ما اجتازت فيه، وبرغم كل ذلك ما تزال صامدةً. وأريد أن أتقدّم قليلاً، إنجيل يسوع المسيح، الكلمة الذي صار جسداً — لم يستطيعوا قتله، لا في ذلك الوقت، ولا الآن. نحنُ جزءٌ من الكنيسة … نحنُ الكنيسة، كنيسته، وهو لن يسمح لأي شيء، ولا حتى أبواب الجحيم، بأن تقوى على كنيسته وتوقف رسالتها. لهذه الكنيسة رسالة، وهي الانطلاق إلى كل العالم لجلب كثيرين من الضالين وتلمذتهم للمسيح. يا لفرحنا لأن لدينا ضماناً عظيماً، ولدينا لحظة قيامة نعيشها الآن، لأننا نعرف أن الكنيسة ستصمد! هللويا! [د. ويلي وِلز]
وعد يسوع بأن ينهي آلام شعبه، ويعطينا الراحة من آلامنا، ويرسّخ لنا سلاماً، ويباركنا بلا حدود – لكن ليس الآن. فإلى حين عودة يسوع ليجعل كل الأشياء جديدة، فإن دعوتنا هي اتِّباع خطوات ملكنا المتألم.
أخبرنا يسوع أنه أتى لتكون لنا الحياة وليكون لنا الأفضل. ولكن في حياتنا بعد أن نختبر الرب يسوع المسيح نبقى نتعرَّض للألم والمعاناة والمرض، كما أنّنا نموت. ما تزال لدينا إحباطات وطموحات. ما نزال نشعر بالانزعاج، ما نزال نشعر بالحزن. وجزءٌ ممّا نحتاج لرؤيته وإدراكه هنا هو أنّ نوال هذه الحياة الأفضل يعني أن يكون المسيح معنا في وسط هذه المعاناة. سوف نعرفُ أموراً في حياتنا المسيحية ما كان ممكناً أن نعرفها لو أننا لم نختبر الحزن، بالإضافة إلى الفرح والبهجة. وأظن أن لدينا أمراً بالغ الأهمية. قال يسوع: “أتيتُ لتكون لكم الحياة وليكون لكم الأفضل”. ولكنْ كما تعلمون – نحنُ نتوق إلى أمرٍ ما. فجزءٌ من معنى وجودنا “في المسيح” هو أن نتوق للملء الذي سيأتي به. فسيأتي يومٌ يعود فيه المسيح إلى كنيسته. سيأتي يومٌ سيحكم فيه المسيح على كل شيءٍ بطريقة مرئية أمام الجميع. وستركع كل ركبة ويعترف كل لسان بأن يسوع المسيح رب لمجد الله الآب. سيأتي يومٌ ستكون فيه العيون جافة، إذ ستُمسَح كل الدموع. واسمعني جيّداً، جزءٌ من معنى أنّ لدينا الحياة الفضلى الآن في المسيح هي أن نستريح في المسيح فيما نختبر الأفراح والآلام التي تأتي إلى حياتنا وإلى هذا العالم الساقط، ونتوق إلى ما نعرف أنَّه سيأتي. الحياة الفضلى تعني الثقة بالمسيح حتى مجيئه.
الخاتمة
في هذه الدراسة لإنجيل متى، إستعرضنا خلفيته من ناحية كاتبه، والقرّاء الأولين ومناسبة الكتابة. وقد بحثنا في بنيته ومحتواه. كما تأملنا بالمواضيع الرئيسية لإرث العهد القديم وتشديده على شعب الله.
يعلنُ لنا إنجيلُ متى الخبرَ السارَ، وهو أن وعودَ العهدِ القديمِ بملكوتِ السماواتِ قد تحققت في يسوعَ الملكِ المسيحانيِّ وعملِه. والخبرُ السارُّ هو أن يسوعَ أسَّسَ ملكوتَه وهو مستمرٌّ في بُنيانِه من خلالِنا. لكن هذه البشارةَ ليست دائماً سهلةً. فكما رأينا، وصفَ متى دعوتَنا لاتباعِ الملكِ المسيحانيِّ المتألمِ بتعابيرَ متشددةٍ. لكنه وصفَ أيضاً بركاتِ الآبِ السماويِّ بتعابيرَ جوهريةٍ – تلك البركاتُ التي تمكّنُنا من اتباعِ الملكِ بأمانةٍ وثباتٍ وَسَطَ آلامِنا، إلى حينِ مجيءِ ملكوتِ السماواتِ على الأرضِ بكلِّ مجدِه.
قدّم هذه السلسلة باللغة العربية ق. وليد هرموش.
د. ديفيد باور هو عميد مدرسة التفسير الكتابي والأستاذ الجالس على كرسي رالف والدو بيسون للمنهج الاستقرائي في التفسير بكليّة آزبوري للاهوت.
د. ستيفين تشان هو أستاذ مشارك للاهوت الدراسات الدينيّة بجامعة سياتل.
د. ستيف كاوان هو المدير المساعد لمركز مصادر الدفاعيات والأستاذ المساعد في الفلسفة والدفاعيات بكليّة برمنغهام للاهوت.
د. مارك غينيليات هو أستاذ مشارك للعهد القديم في كلية بيسون للاهوت.
ق مايكل غلودو هو أستاذ مساعد للدراسات الكتابيّة بكليّة اللاهوت المُصلح في أورلاندو، فلوريدا.
د. جيمس هاميلتون هو أستاذ مشارك للاهوت الكتابي بكلية اللاهوت المعمدانيّة الجنوبيّة والقس بكنيسة كينوود المعمدانية.
د. ستيف هاربر هو نائب الرئيس المؤسس لكلية آسبوري للاهوت فرع أورلاندو، فلوريدا.
د. بيتر كوزميتش هو الأستاذ المتميّز الجالس على كرسي بول إي. تومز للإرساليات والدراسات الأوروبيّة بكليّة غوردن كونويل للاهوت، والشريك المؤسس ومدير كليّو اللاهوت الإنجيلية بأوسييك، كرواتيا.
د. جيف لومان هو راعي الكنيسة الإنجيلية المشيخية في ألاباستر، ألاباما وأستاذ الوعظ واللاهوت النظامي بكليّة بيرمنغهام للاهوت.
ق. جيم مابلس هو مدير برنامج الدكتوراة في القيادة الرعويّة في كلية برمنغهام للاهوت.
د. جون ماكينلي هو أستاذ مساعد للدراسات الكتابيّة واللاهوتية بكلية تالبُت للاهوت.
ق. ألبرت موهلر هو رئيس كلية اللاهوت المعمدانيّة الجنوبيّة.
د. جوناثان بينينغتون هو أستاذ مساعد لتفسير العهد الجديد ومدير أبحاث الدكتوراه في كليّة اللاهوت المعمدانيّة الجنوبيّة.
د. غريغ بيري هو نائب الرئيس للمشروعات الاستراتيجية في خدمات الألفيّة الثالثة (وسابقًا أستاذ مساعد للعهد الجديد ومدير مبادرة خدمة المدينة بكلية كوفينينت (العهد) للاهوت).
د. توماس شراينر هو الأستاذ الجالس على كرسي جيمس بوكانان هاريسون لتفسير العهد الجديد والعميد المشارك لقسم الكتاب المقدس والتفسير بكلية اللاهوت المعمدانية الجنوبية.
د. مارك ستراوس هو أستاذ العهد الجديد في كلية بيت إيل للاهوت في سان دياجو.
د. إريك ثيونيس هو أستاذ ورئيس قسم الدراسات الكتابيّة واللاهوتيّة بكلية تالبُت للاهوت، جامعة بيولا.
د. سايمن فايبرت هو الراعي السابق لكنيسة القديس لوقا، ويمبلدون بارك، بالمملكة المتحدة، ويشغل حاليًا منصب نائب مدير ويكليف هوول، بأكسفورد، ومدير كلية الوعظ.
د. بيتر واكر هو أستاذ الدراسات الكتابيّة بكليّة ترينتي للخدمة (عمل سابقًا استاذًا للدراسات الكتابيّة وكنائب مدير مشارك في ويكليف هوول، جامعة أوكسفورد.
د. ويلي ويلز هو راعي كنيسة بليزانت جروف المعمدانيّة فب فيرفيلد، ألاباما والأستاذ في كلية برمنغهام للاهوت.
د. ستيفين ويلوم هو أستاذ اللاهوت المسيحي في كلية اللاهوت المعمدانية الجنوبية.
القسم الثالث: المواضيع الرئيسية
مخطط لتدوين الملاحظات
III. المواضيع الرئيسية
أ. إرث العهد القديم
1. الاقتباسات والإشارات الضمنية
2. ملكوت السماوات
3. الملك المسيحاني
4. القادة اليهود غير المؤمنين
5. التواضع واللطف
ب. شعب الله
1. الكنيسة
2. عائلة الله
3. الدعوة
الخاتمة
أسئلة المراجعة
1. ما هما الموضوعان الرئيسيان للإنجيل بحسب متى اللذان أبرزهما هذا الدرس؟
2. كيف يبرز متى تراث العهد القديم الذي يقوم عليه الإنجيل؟
3. يقول الدرس أن يسوع كان “______________ إسرائيل”.
4. ما الذي يقتبسه متى أكثر من أي كاتب آخر من كُتَّاب الأناجيل؟
5. ما هو الاسم الخاص بيسوع الذي يستخدمه متى أكثر من الأناجيل الأخرى؟
6. كيف يفسر الدرس تعليقات يسوع، “قَدْ سَمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ…” و”وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ…”؟ هل يلغي شريعة العهد القديم؟
7. بأي الطرق يتحدث متى عن شعب الله؟
8. ما هي الكلمة العبرية لـ”مجلس”؟ تأكد من قدرتك على نطق الكلمة وكتابة نقلها الحرفي.
9. ما هي الكلمة اليونانية لـ”مجلس”؟ تأكد من قدرتك على نطق الكلمة وكتابة نقلها الحرفي.
10. أي نوع من المصطلحات يستخدمها متى عادة للتحدث عن شعب الله وعن علاقتهم به؟ أعطِ أمثلة.
11. ما هو الأمر الذي يشدد عليه متى فيما يخص دعوة تلاميذ يسوع؟
أسئلة تطبيقية
1. ما هي أهمية أن ترى أن الإنجيل بحسب متى مرتبط بالعهد القديم؟ كيف يساعدك هذا على فهم العهد القديم؟ والعهد الجديد؟
2. كيف غيَّر الدرس تفكيرك حول موقف يسوع من شريعة العهد القديم؟ ما أهمية هذا؟ ما الاختلاف الذي يصنعه هذا؟ كيف يجب علينا استخدام شريعة العهد القديم اليوم؟
3. كيف تألمت من أجل اتباع يسوع؟
4. ما أهمية أن نرى أن كنيسة العهد الجديد هي تتميم لشعب الله في العهد القديم؟ كيف يساعدك هذا في فهم العهد القديم؟ والعهد الجديد؟
5. ما هو الأمر الأكثر أهمية الذي تعلمته من كل هذا الدرس؟

- كريستوسكلمة يونانية (تم نقلها حرفيًا إلى العربية) تعني المسيح، وهي مستخدمة في السبعينية لتترجم "مشيخ" أو "مسيا" وتعني "الممسوح"
- اكليسيةمصطلح يوناني يعني الجماعة، شعب الله، الكنيسة.
- إسخاتولوجيتعبير لاهوتي لدراسة الأيام الأخيرة
- الإنجيل الأوليُعرف أيضًا باسم بروتوإيفانجليون، وهو مصطلح لاهوتي يطلق على أول وعد بالفداء والموجود في التكوين 3: 15
- يوسابيوسمؤرخ مسيحي مبكر (263- 340 م) كتب كتاب "التَّارِيخِ الْكَنَسِيِّ".
- إيريناوسكاتب مسيحي مبكر (130-202). كتب "ضد الهرطقات"، حيث يؤكد على صحة الأناجيل الأربعة، ويقول التعليق التالي أيضًا عن إنجيل متى: "متى أيضًا أصدر إنجيلاً مكتوبًا بين العبرانيين بلهجتهم الخاصة، بينما كان بطرس وبولس يعظان في روما، ويضعان أسس الكنيسة"
- يوسفالأب الشرعي ليسوع (وليس الجسدي)، زوج مريم، من نسل داود
- يوسيفوسمؤرخ يهودي من القرن الأول الميلادي (37- 100م تقريبًا) والذي كتب مجلد "الْعَادِيَّاتِ".
- قهالتعبير عبري يعني الجماعة، شعب الله
- ملكوت السمواتتعبير استخدمه متى فقط ليشير إلى النطاق الروحي الجديد الذي أسسه يسوع. استخدم متى هذا التعبير بدون اسم "الله" اتباعاً لعادات اليهود في تجنب استخدام اسمه.
- كيريوسكلمة يونانية (نقلت حرفيًا إلى العربية) تعني "رب".
- لاوياسم آخر لمتى
- أوريجانوسهو لاهوتي مسيحي مبكر من الإسكندرية (185-254م تقريبًا)، تشمل كتاباته على "عن المبادئ الأولى"، والذي يدافع فيه عن كون الكتاب المقدس السلطة النهائية للعقيدة المسيحية، و"الهكسبلا"، وهي دراسة مقارنة للترجمات العديدة للعهد القديم.
- بابياسكاتب مسيحي مبكر (من بداية القرن الثاني) يوسابيوس اقتبسه في كتاب "تاريخ الكنيسة" على أنه يقول تعليقات عن الأناجيل متى ومرقس.
- بلوتارخمؤرخ يوناني علماني، 46- 120م. كتب سيرة ذاتية عن حياة شَيْشَرون، وهي مثال عن كيف أن حتى السير الذاتية العلمانية في ذلك الوقت حاولت أن تحافظ على السجلات الدقيقة.
- ابن داودالاسم الذي يستخدمه متى كثيرًا (أكثر من كل الأناجيل الأخرى مجمعة) للحديث عن يسوع
- إيزائيةتعني "تُرى معاً". يُستخدم هذا المصطلح للأناجيل الثلاثة الأولى، متى، مرقس، ولوقا بسبب التشابهات بينهم.
- يهوهاسم عبراني لله، عادة ما تترجم "رب"، ويأتي من جملة "أكون من أكون"