مساقات عبر الإنترنت Online Courses

  • التسجيل
  • تسجيل الدخول
الرئيسية / الدورات الدراسية / الأناجيل / الدرس الثالث: الإنجيل بحسب مرقس

الأناجيل – الدرس الثالث – القسم الثالث

تقدم القسم:
← العودة إلى الدرس
  • الفيديو
  • الملف الصوتي
  • النص

المواضيع الرئيسية
العبد المتألم
التوقعات اليهودية

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aGOS03_11.mp4

خدمة يسوع

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aGOS03_12.mp4
موضوعات ذات صلة
How can we identify and employ the Holy Spirit's power in our lives?

الاستجابة المناسبة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aGOS03_13.mp4
موضوعات ذات صلة
Why did Jesus' gospel message focus so strongly on the kingdom of God?

الملك المنتصر
أعلن ملكوته
برهن قوته وسلطانه

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aGOS03_14.mp4
موضوعات ذات صلة
Why does Mark's gospel end with the women responding in fear to the news of Jesus' resurrection?

غلب أعداءه
الخاتمة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/video/aGOS03_15.mp4
موضوعات ذات صلة
In what sense did Jesus establish God's kingdom during his earthly ministry, and in what sense are we still waiting for his kingdom to come?
  • المواضيع الرئيسية
    العبد المتألم
    التوقعات اليهودية
  • خدمة يسوع
  • الاستجابة المناسبة
  • الملك المنتصر
    أعلن ملكوته
    برهن قوته وسلطانه
  • غلب أعداءه
    الخاتمة

المواضيع الرئيسية
العبد المتألم
التوقعات اليهودية

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aGOS03_11.mp3

خدمة يسوع

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aGOS03_12.mp3
موضوعات ذات صلة
How can we identify and employ the Holy Spirit's power in our lives?

الاستجابة المناسبة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aGOS03_13.mp3
موضوعات ذات صلة
Why did Jesus' gospel message focus so strongly on the kingdom of God?

الملك المنتصر
أعلن ملكوته
برهن قوته وسلطانه

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aGOS03_14.mp3
موضوعات ذات صلة
Why does Mark's gospel end with the women responding in fear to the news of Jesus' resurrection?

غلب أعداءه
الخاتمة

https://s3.amazonaws.com/thirdmill-amoodle/video/audio/aGOS03_15.mp3
موضوعات ذات صلة
In what sense did Jesus establish God's kingdom during his earthly ministry, and in what sense are we still waiting for his kingdom to come?
  • المواضيع الرئيسية
    العبد المتألم
    التوقعات اليهودية
  • خدمة يسوع
  • الاستجابة المناسبة
  • الملك المنتصر
    أعلن ملكوته
    برهن قوته وسلطانه
  • غلب أعداءه
    الخاتمة

المواضيع لرئيسية

لا شكَّ أن هويةَ يسوعَ كالمسيحِ المُنتظرِ هي الموضوعُ الأكثرُ أهميةً في الرسالةِ التي ينقلُها إلينا مَرقسُ في إنجيلِه. فقد أراد مَرقسُ أن يتأكدَ من أن قرّاءَه عرفوا أن يسوعَ قد جاءَ فعلاً ليخلّصَهم من خطاياهم. فقد كان يسوعُ الملكَ الذي غلبَ الموتَ. كان قويًا، مخيفًا، لا يُقهرُ، ومجيدًا. كان الفاديَ الذي جاء ليخلّصَهم مُحضِرًا معهُ ملكوتَ اللهِ على الأرضِ. ورَغم حَقيقةِ أنهم ما عادوا يرَوْنَه، فهو لا يزالُ سيدَ الموقفِ، وقد وعدَ بأن يعودَ ليتمِّمَ الخلاصَ الذي بدأَه.

من أجل أغراضنا في هذا الدرس، سنقسم موضوع مسيحانية يسوع إلى قسمين. في القسم الأول سنتحدث عن يسوع على أنه العبد المتألم، وفي القسم الثاني سننظر في هويته على أنه الملك المسيحاني المنتصر. لنبدأ بدور يسوع كعبد متألم.

العبد المتألم

في بحثنا حول يسوع كـالعبد المتألم سنقسم الموضوع إلى ثلاثة أقسام. أولاً، سنشير إلى بعض التوقعات اليهودية المتعلقة بالمسيح الموعود. ثانيًا، سنشدّد بإيجاز على طبيعة خدمة يسوع كالعبد المتألم. وثالثًا، سنتحدث عن الاستجابة المناسبة التي أراد مَرقُس أن تكون عند قرائه فيما يتعلق بمسيحانية يسوع. لننظر أولاً إلى التوقعات اليهودية للمسيح التي كانت شائعة في أيام يسوع.

التوقعات اليهودية

لمئات السنين قبل زمن المسيح، عاشت الأكثرية الساحقة من شعب الله خارج أرض الموعد. والذين بقوا في الأرض عانوا من ظلم حكّام وثنيين. في البداية، كان هناك البابليون، ثم الماديّون، ثم الفرس، ثم اليونان، وأخيرًا الرومان. وهذا التاريخ الطويل من العذاب قاد اللاهوتيين اليهود ليشدّدوا على نبوات العهد القديم بأن الله سوف يرسل في النهاية المحرّر المسيحاني ليسترد الملك لإسرائيل.

أخذ الرجاء اليهودي المسيحاني أشكالاً عدة. على سبيل المثال، آمن الغيورون أن الله أراد إسرائيل أن تبشّر بيوم المشيح عن طريق الثورة على السلطات الرومانية. وقد آمنت مجموعات مختلفة بأن الله سوف يتدخل بطريقة خارقة ليدمّر أعداءه ويحيي شعبه. وقد كان هناك ناموسيون، مثل الفريسيين، آمنوا بأن الله لن يتدخل ما لم تُطعْ إسرائيل الشريعة. لذلك، كان هناك العديد من الناس في زمن يسوع الذين انتظروا طويلاً مجيء المسيح.

أتى يسوع كعبد متألم متواضع. والآمال اليهودية المسيحانية كانت تتوقع ملكوتًا أرضيًا سياسيًا عاجلاً تحت سلطة المسيح، شبيهًا بملكوت داود الذي حكم قبله بعدة قرون. لكن يسوع لم يسعَ أبدًا إلى تأسيس هذا النوع من الملكوت أثناء خدمته الأرضية. وهذا ما دفع الكثير من الناس إلى رفضه كالمسيح.

وما هو ملفت للنظر، هو أن فكرة المسيح كعبد متألم ليست جديدة. فقد أشار نبي العهد القديم إشعياء، إلى دور المسيح هذا، لا سيما في إشعياء الفصل ٥٣، الذي يطبّقه العهد القديم تكرارًا على يسوع. كما يمكننا القول إنه لو لم يتألم يسوع ويخدم لما كان لبى متطلبات العهد القديم للمشيح. ولذلك، بدلاً من تجريده من أهليته كالمشيح، فان خدمة يسوع المتألم هي الدليل على أنه هو حقًا المسيح. لكن قلة من الناس أدركوا هذه الحقيقة من العهد القديم خلال حياة يسوع. فقد استسلم معظمهم للأفكار اليهودية المعاصرة حول المسيح بحيث لم يتعرّفوا عليه عند مجيئه.

من الواضح أنّ مفهوم المسيح هو بغاية الأهميّة في العهد القديم. فالمسيح هو الممسوح، الملك الممسوح. ومن المهمّ أن نتساءل كيف كان المسيح ليأتي لو كان شعب إسرائيل شعبًا مطيعًا ولم يطلب ملكًا، غير أنّ الأمور لم تكن كذلك. فقد تتالى الأشخاص الممسوحون الذين لم يأبهوا لشعوبهم ولم يحقّقوا عدالة الله في العالم ولم يهتمّوا إلا بأنفسهم. ومن هنا نشأ هذا التوق في العهد القديم: آه، هل يمكننا أن نحصل على مسيحٍ يتمتّع بميزات المسيح الحقيقية؟ وهكذا نجد صورة الملك الآتي، ونجد لا سيما في سفر إشَعياء هذه العلاقة المذهلة بين الملك الآتي والروح القدس. فشعب العهد القديم لم يتُقْ إلى مجيء مسيحٍ فحسب بل كان يتوق إلى الروح القدس ليأتي ويمكّنهم من إطاعة التوراة. ومن المشوّق أن نرى الطرق التي يصوّر فيها سفر إشعياء تحديدًا العلاقة بين المسيح والروح القدس. فهذا المسيح سيكون ممتلئًا بالروح القدس؛ أي ممسوحًا من الروح القدس. وسيتكلّم بالروح القدس. وبذلك، لم يتفاجأ الرسل عندما قال لهم يسوع القائم من الموت انتظروا في أورشليم ما وعد به الله. وكأنّ المسيح قال أخيرًا ما كنّا نتوقّع من المسيح أن يقوله، سأرسل لكم الروح القدس. لكن ما لم يدركوه هو أنّ المجيء بملكوت الله وبعصر الروح القدس سيكون مكلفاً جدّاً بالنسبة إلى يسوع المسيح. هم لم يربطوا إشعياء ٥٣ بإشعياء ١١. ولم يربطوا فكرة أنّه على المخلّص أن يموت من أجل أن يقيم مملكة العدل والسلام هذه ومن أجل إرسال الروح القدس. [د. جون أوزوالت ]

مع هذه التوقعات اليهودية بذهننا، لننظر إلى خدمة يسوع كالعبد المتألم.

خدمة يسوع

كان يسوع مسيحًا مذهلاً لأنه غلب عن طريق الموت. يخبرنا مَرقُس، باكرًا في الإنجيل، عن النزاعات التي قادت أخيرًا إلى الصلب. أما القسم الثاني من الإنجيل فيسيطر عليه في البداية موضوع آلام يسوع الوشيكة وموته، ومن ثم ألمه الفعلي وموته.

وبشكل متواز مع هذا التشديد على آلام يسوع، يأتي التشديد على خدمته. فقد شفى يسوع وخدم العديد من الناس. وقدّم حياته كفدية عن الخطاة. وأطاع إرادة الله بالكامل لمنفعة شعب الله.

أحد المواضع التي جمع فيها مَرقُس هذين الموضوعين، الألم والخدمة، هو مَرقُس الفصل ١٠: ٣٥ – ٤٥. في هذا المقطع، طلب يعقوب ويوحنا من يسوع أن يعطيهما مراكز شرف في ملكوته. فغضب التلاميذ العشرة الآخرون من هذا الطموح إلى المجد. لكن يسوع وبّخ الاثني عشر جميعهم. وحضّهم على حياة تتصف بالخدمة، وقدّم لهم حياته كنموذج.

القيادة في الخدمة لا تتطلّب من القائد سوى أن يكون مشارِكًا فاعلاً في حياة الخدمة وأن يكون راغبًا، كما يقول بولس، في بذل الذات في سبيل خدمة الآخرين ومساندتهم ودعمهم. فالقائد لا يصدر الأوامر فحسب. صحيح، الأوامر ضروريّةٌ حتمًا ولكن على القائد أن يمهّد الطريق من أجل تحقيق الأهداف. وهذا طبعًا يذكّرني بما قاله بولس عندما تكلّم عن العمل الشاق. قال إنّه عمل أكثر من جميع رفاقه في الخدمة. وهذا ما يساعدنا على فهم المعنى الرائع لأن نكون قادةً خدّامًا وطبعًا أن نختلط بالناس ونساعدهم على حمل أثقالهم ونخلصهم منها. [القس لاري كوكريل]

استمع إلى تفسير يسوع لهذا النوع من القيادة في مَرقُس ١٠: ٤٥:

لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضاً لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ.

أوضح يسوع أن القيادة هي نوع من الخدمة نحو الله ونحو الذين نقودهم. فالقيادة ليست فرصة للمجد. بل على العكس، فهي غالبًا ما تسبب الألم للقادة. في الواقع، عرف يسوع أن إرساليته في خدمة الآخرين ستؤدي في النهاية إلى الموت، لكنه قبلَ تلك المهمة وأمر تلاميذه بأن يقبلوها هم أيضًا.

يبدو مَرقُس في إنجيله، عازمًا على إيصال الرسالة إلينا بأنّ يسوع المسيح هو الخادم المتألّم الذي تمّ التنبّؤ عنه في العهد القديم. ففي النصف الأوّل من إنجيله، يركّز مَرقُس كثيرًا على دور يسوع كملك، وفي النصف الثاني ينتقل إلى وصف آلام المسيح وموته، وجاء في ١٠: ٤٥: “لأَنَّ ابْنَ الإِنْسَانِ أَيْضًا لَمْ يَأْتِ لِيُخْدَمَ بَلْ لِيَخْدِمَ وَلِيَبْذِلَ نَفْسَهُ فِدْيَةً عَنْ كَثِيرِينَ”. ويأتي هذا العدد في إطارٍ تشجيع التلاميذ على أن يكونوا خدّامًا من هذا النوع، فيسوع هو مثالنا بعدم تمسكنا بحقوقنا بل التخلي عنها في سبيل تقدّم الإنجيل وتقدّم الملكوت. ومَرقُس، يقدّم لنا نموذجًا ليعلّمنا ألا نتفاخر بأنفسنا، فلا ينبغي أن نفتّش عن أفضل الأمكنة في السماء كما كان التلاميذ يفعلون، بل علينا اتّباع نموذج يسوع الذي بذل نفسه بإرادته من أجل الآخرين، وهذا هو النموذج الذي نقتدي به. [د. سيمون فيبير]

إذًا حين نفكّر في ماهيّة القيادة بروح الخدمة التي يأمرنا بها يسوع، يمكننا أن نرى في الأناجيل كيف بيّن لنا يسوع هذا النوع من القيادة. فأوّل ما نرى يسوع يفعله عندما يلتقي بمختلف الأشخاص ويطّلع على حاجاتهم هو الإصغاء. فهو يلتقي بهم حيث هم، ويهتم بحاجات حياتهم الماديّة تمامًا مثل اهتمامه بحاجات حياتهم المعنويّة. يصغي فعلاً إلى ما يقولونه ولا يكتفي بسماع كلماتهم، بل يقرأ بين السطور. فنقرأ مثلاً في إنجيل مَرقُس عن لقاء يسوع مع الأب الذي كان ابنه مسكونًا بالشياطين لسنوات وسنوات، وكان يجرِّح نفسه، وهكذا فقد الأب كل أملٍ على الإطلاق. فقال ليسوع “أعن ضعف إيماني”. فلم يوبّخه يسوع بل استجاب لطلبه وشفى ابنه. ثمّ نراقب مسار الإنجيل، ونسأل سؤالاً: أين يذهب يسوع بعدئذٍ؟ يسوع يذهب إلى أورشليم ليبذل ذاته من أجل أتباعه، ليدفع ثمن خطاياهم. فمن خلال هذا الحبّ المضحّي يتخلّى يسوع عن كلّ مجدٍ يتحلّى به ويبذل ذاته عن أتباعه. فهذا هو النموذج الذي يبيّنه يسوع في الإنجيل مظهِرًا كيفيّة اهتمامه بالناس الذين يلتقيهم واستماعه إليهم، ثمّ إلى أين يتوجّه؟ يتوجّه إلى أورشليم حتّى يبذل ذاته. هذه هي القيادة الخادمة. [د. جريج بيري]

مع إبقاء التوقعات المسيحانية اليهودية وخدمة يسوع في ذهننا، لنتأمل بـالاستجابات التي توقعها مَرقُس من قرّائه نحو هذه الناحية من كون يسوع هو المسيح.

الاستجابة المناسبة

علّم يسوع أتباعه أنه لا بد لهم أن يتألموا. فهم سيواجهون المقاومة في المجتمع. وسيكون لديهم صراعات في عائلاتهم. وسيجرّبون ويتضايقون من أرواح شريرة. كما سيُضطهدون، ويُقتل بعضهم. لكنه مع ذلك طالب بولائهم وثباتهم. استمع كيف لخّص يسوع هذه الفكرة في مَرقُس ١٢: ٣٠:

وَتُحِبُّ الرَّبَّ إِلَهَكَ مِنْ كُلِّ قَلْبِكَ، وَمِنْ كُلِّ نَفْسِكَ وَمِنْ كُلِّ فِكْرِكَ، وَمِنْ كُلِّ قُدْرَتِكَ. هَذِهِ هِيَ الْوَصِيَّةُ الأُولَى.

هنا أشار يسوع إلى تثنية الفصل ٦ والعدد ٥ ليشدّد على جملة ما يطلبه الله من شعبه. يجب علينا أن نكون مكرّسين بالكامل لله في كل ناحية من نواحي حياتنا.

إتباع يسوع يتضمن التضحية والألم. وهو ما زال يطالبنا بأن نكون مكرّسين له بالكامل، وأن نكون مستعدين من أجل الملكوت، أن نحيا بطرق يحتقرها العالم.

كمثال واحد فقط، خذ قصة الشاب الغني في مَرقُس ١٠: ١٧ – ٣١. فقد جاء إلى يسوع ليسأله ما يجب عليه أن يفعل ليرث الحياة الأبدية، فقال له يسوع إن عليه أن يبيع كل ممتلكاته ويعطيها للفقراء. لكن متطلبات يسوع كانت أكبر مما كان بمقدور الشاب الغني أن يتحمّل، فمضى حزينًا. فقال يسوع لتلاميذه يجب ألّا يفاجئهم ذلك “فـمرور جمل من ثقب إبرة أيسر من أن يدخل غني إلى ملكوت الله!” وأكمل وقال إن على أتباعه أن يكونوا مستعدين أن يتخلوا عن عائلاتهم وبيوتهم وممتلكاتهم. عليهم أن يكونوا مستعدين أن يضطهدوا، بل حتى أن يستشهدوا لأجله. وكما قال يسوع في مَرقُس الفصل ٨: ٣٤ – ٣٥:

مَنْ أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ وَرَائِي فَلْيُنْكِرْ نَفْسَهُ وَيَحْمِلْ صَلِيبَهُ وَيَتْبَعْنِي. فَإِنَّ مَنْ أَرَادَ أَنْ يُخَلِّصَ نَفْسَهُ يُهْلِكُهَا، وَمَنْ يُهْلِكُ نَفْسَهُ مِنْ أَجْلِي وَمِنْ أَجْلِ الإنجيل فَهُوَ يُخَلِّصُهَا.

بطريقة أو بأخرى، كل مسيحي عنده صليب. لكن مجد وبركة الخلاص تستحقان التضحية.

قال لنا يسوع احملوا الصليب، ولكن تأتي لحظاتٌ في حياة بطرس ينظر فيها إلى يده فيرى سيفًا بدلاً من صليب. فيقطع أذن رئيس الكهنة. فقد شكّل ذلك صراعًا للكنيسة لقرون، أَسَيْفٌ أم صليب؟ هل نتّبع مسار المهارة البشرية، هل نتّبع مسار الطرق البشرية والحكمة؟ أو نُميت أنفسنا فننكر ذواتنا ونتبع يسوع. وهو كان واضحًا في كلامه عندما قال إنّ المجد الذي يقدّمه من خلال ابنه لا نجده إلا في الطريق نحو الصليب عندما نتبع مسار يسوع. فالمسألة ليست مسألةَ كيفيّة تقديم التسويات أو ما هي تلك التسويات؟  بل السؤال: هل نحن نتبع يسوع؟ وعندما يلتزم الناس بهذا الأمر ويفهمون أنّ الطريق إلى يسوع هو طريق الصليب وأنّهم حين يتبعونه يموتون عن أنفسهم ليعيشوا في المسيح، لا تعود المسألة مسألةَ تسوية أو غير تسوية، أو مسألة وحدة أو تفكّك، بل هذه الأمور تَحِلّ نفسها طالما كان الناس يركّزون على طبيعة الحياة المسيحية التي تستوجب سلوكهم لطريق الصليب. [القس مايكل جلودو]

التلمذة طريق صعب. في الواقع، كما قال يسوع، إن دخول ملكوت الله هو في الواقع مستحيل عندما نعتمد في ذلك على قوتنا. لكن استمع كيف شجع يسوع تلاميذه في مَرقُس ١٠: ٢٧:

عِنْدَ النَّاسِ غَيْرُ مُسْتَطَاعٍ وَلَكِنْ لَيْسَ عِنْدَ اللَّهِ، لأَنَّ كُلَّ شَيْءٍ مُسْتَطَاعٌ عِنْدَ اللَّه.

ليس لدينا القوة لنطيع يسوع بالطريقة الجذرية التي يطلبها لكن الله عنده القوة. وهو يستخدم هذه القوة التي فينا ليضمن لنا دخول ملكوته.

أحد أسوأ الأمور التي يمكن أن نقوم بها هي أن نفتّش عن النمو بالمسيح والطهارة والقداسة والاستقامة بعيدًا عن قوّة الروح. فهذا لا يرضي الله إذ نحن لا نعتمد على الله الذي خلّصنا ويريد أن يقدّسنا. من هنا فإن عمل الروح، قوة الروح، أساسي وضروري؛ هو مهمّ حتمًا لأي عملٍ صالح وأي نمو يبرز في حياتنا. والأمر المدهش، هذا ما نراه تمامًا في حياة يسوع، الذي هو مثالنا في بشريّته. فالروح القدس يدخل حياة المسيح ويعمل فيها فيمنحَه القوّة ويقوده ويمسحه في معموديته وفي بداية خدمته، وحتّى قبل ذلك، حين عمل في الحبل العذراوي وصار الله إنسانًا. ونرى الروح يقوده في الصحراء لكي يُجَرَّب. فيأتي الروح ويخدمه. هذا الروح هو مصدر القوّة في حياة المسيح، ما يجعله بالتأكيد مصدر القوّة في حياة كلّ مَن يتبع المسيح. [د. ك. إريك ثيونيس] 

أراد مَرقُس أن يعرف قرّاؤه الأولون في روما أن الألم والاضطهاد هما العلامة بأنهم أتباع حقيقيون ليسوع. وهما جزء من خطة الله لملكوته. وأراد مَرقُس أن يتشجع قرّاؤه بهذه الحقيقة. أرادهم أن يثقوا بأن الله سيقويهم ليثبتوا وسط تحدياتهم، تمامًا كما قوّى يسوع، بحيث يواجهون ألمهم بشجاعة ورجاء.

ما زالَ يسوعُ يأتي بملكوتِ اللهِ ببُطءٍ. وما زالَ يستخدمُ آلامَ شعبِه كواسطةٍ لتلكِ الغايةِ. وهو يُقوّيهم ليثبتوا. لذا يجبُ ألا نسمحَ للتألمِ من أجلِ يسوعَ وملكوتِه أن يُثَبِطَ عزيمتَنا، بل يَجِبُ أن يُعزّيَنا ويُلهِمَنا. فنحنُ نَتَألمُ لأننا خُدّامُه، ونَثِقُ بأنَّه في يومٍ من الأيامِ ستُكافَأُ آلامُنا ببركاتٍ لا يُمكِنُنا تصوُّرُها – بركاتٍ تفوقُ بكثيرٍ الصعوباتِ التي نواجهُها.

الناحية الثانية في هوية يسوع التي سنتأمل فيها، هي دوره كـالملك المنتصر الذي سيجلب ملكوت الله إلى الأرض.

الملك المنتصر

أوضح العهد القديم أن المسيح الموعود سيكون من سلالة الملك داود، وأن دوره سيكون استرداد مجد عرش داود، والمُلك على إسرائيل إلى الأبد. ونرى هذه النبوات في أماكن مثل المزامير ٨٩، و١١٠، و١٣٢، ومؤكّدة في مَرقُس ١٢: ٣٥. من هنا، في كل مرة أشير فيها إلى يسوع أنه المسيح أو المشيح، أُقرّ أيضًا بمركزه الملكي. على سبيل المثال، هذا هو سبب دعوة يسوع “ابن داود” في مَرقُس ١٠: ٤٧ – ٤٨. ويسوع نفسه أعلن علنًا أنه الملك المسيحاني في مَرقُس ١٤: ٦١ – ٦٢ عندما حوكم أمام السنهدريم، وفي مَرقُس ١٥: ٢ عندما حوكم أمام بيلاطس.

سنتأمل في ثلاث نواح لدور يسوع كملك منتصر يشدَّد عليها مَرقُس. سنتأمل في حقيقة إعلان يسوع ملكوته. وسنرى كيف برهن قوته وسلطانه. وسنبيّن أنه غلب أعداءه. لنبدأ مع حقيقة أن يسوع أعلن ملكوته.

أعلن ملكوته

تذكّر الطريقة التي لخّص فيها مَرقُس خدمة كرازة يسوع بالإنجيل في مَرقُس ١: ١٤ – ١٥، حيث قدّم هذا التقرير:

وَبَعْدَ مَا أُسْلِمَ يُوحَنَّا جَاءَ يَسُوعُ إِلَى الْجَلِيلِ يَكْرِزُ بِبِشَارَةِ مَلَكُوتِ اللَّهِ وَيَقُولُ: “قَدْ كَمَلَ الزَّمَانُ وَاقْتَرَبَ مَلَكُوتُ اللَّهِ، فَتُوبُوا وَآمِنُوا بِالإنجيل”.

القصد الرئيسي من خدمة يسوع الكرازية كانت إعلان الإنجيل أو الأخبار السارة بأن ملكوت الله قريب، وأن بركاته مقدّمة لجميع الذين يتوبون ويؤمنون.

كما أعلن يسوع ملكوته أيضًا عن طريق تعليم أسراره لتلاميذه. في الواقع، هذا هو السبب وراء تعليمه غالبا بالأمثال – معلنًا أسرار الملكوت للمختارين، مع إبقائها مخفية عن غير المختارين. استمع إلى ما قاله يسوع لتلاميذه في مَرقُس ٤: ١١ – ١٢:

قَدْ أُعْطِيَ لَكُمْ أَنْ تَعْرِفُوا سِرَّ مَلَكُوتِ اللَّهِ. وَأَمَّا الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَارِجٍ فَبِالأَمْثَالِ يَكُونُ لَهُمْ كُلُّ شَيْءٍ، لِكَيْ يُبْصِرُوا مُبْصِرِينَ وَلاَ يَنْظُرُوا، وَيَسْمَعُوا سَامِعِينَ وَلاَ يَفْهَمُوا، لِئَلاَّ يَرْجِعُوا فَتُغْفَرَ لَهُمْ خَطَايَاهُمْ.

وبالطبع، كثيرًا ما وصف يسوع ملكوت الله. على سبيل المثال، في مَرقُس ١٠ شبّه الذين يدخلون ملكوت الله بسهولة، بالأولاد، والذين يدخلونه بصعوبة بالغة، بالأغنياء.

الناحية الثانية في دور يسوع كملك منتصر، هي أنه برهن قوته وسلطانه كرأس ملكوت الله الأرضي.

برهن قوته وسلطانه

برهن يسوع عن قدرته وسلطانه الملكيَين بصورة رئيسية من خلال المعجزات. على سبيل المثال، نقرأ في مَرقُس ٤: ٤١ أن الخليقة تطيع أوامره. والأرواح الشريرة غالبًا ما اعترفت به أنه ابن الله، كما نقرأ في أماكن مثل مَرقُس ١: ٢٤، ٣: ١١، ٥: ٧. وقدرة يسوع على فرض إرادته على الطبيعة والأرواح الشريرة، كانت إعلانًا قويًا بأنه جاء ليحقق ملكوت الله على الأرض. والأمر نفسه ينطبق على شفاءاته الخارقة. وتتضمن بركات الملكوت الحياة والصحة. من هنا عندما شفى يسوع الناس، كان يوزّع بركات الملكوت عليهم، وفق نعمه الملكية.

صنع يسوع المعجزات على الأقلّ للأسباب الثلاثة التالية: الأوّل أنّه كان يريد إظهار عطفه، أي عطف الله على الشعب الذي يتألّم. فكان يشفي الناس لأنّه رؤوف ويشفق عليهم. وكان يريد تلبية حاجاتهم، ولكن عبر قيامه بذلك، كان يُعلِن أيضًا عن حقيقته، عن أنّه المسيح الذي سيجلب الخلاص. فالمعجزات هي علامات تعرّف عن هويّته. فهي لا تدلّ على أنّه ابن الله القادر فحسب، بل تُظهِر أنّه المسيح. وأمّا السبب الثالث فهو أنّ المعجزات تُعلِن أنّ الخلاص المسيحاني قد حان وأنّ الـعهد الذي وعد به الله دخل التاريخ وبدأت اللعنة تفقد مفعولها، أقصد لعنة المرض فها الناس تشفى من أمراضها. وبدل محدودية الطعام والشراب ها هو يكثر الطعام والخمر. فالمعجزات أبرزت التغييرات التي أحدثها الله في التاريخ لأنّه المسيح ومهمّته أن يُدخِل هذه التغييرات إلى حياتنا. [د. جون ماكينلي]

بالإضافة إلى صنع المعجزات، برهن يسوع أيضًا عن قدرته وسلطانه الملكيَين بطرق أخرى. على سبيل المثال، في مَرقُس ١: ١٦ – ٢٠ دعا يسوع تلاميذه بشكل جريء إلى ترك بيوتهم وعائلاتهم وأشغالهم واتباعه. فهو لم يقدّم لهم نصائح حكيمة فقط. بل دعاهم إلى استجابة تغير حياتهم. وهو في الواقع، يطلب ذلك من كل من يسمع الإنجيل، ويتوقع منهم الاستجابة ذاتها. ويجب على كل إنسان أن يطيع يسوع، ويستودع حياته بين يديه ويتبعه حيثما يقوده.

لعل المثل الأشهر لسلطان يسوع هو عندما غفر خطايا المفلوج في مَرقُس ٢: ٣ – ١٢. فيسوع والجميع يعرفون أن الله وحده يمكنه أن يغفر الخطايا. لكن المذهل، هو أن يسوع لم يقل للرجل أن يطلب الغفران من الله، بل غفر له خطيّته بسلطان. وبالتالي، لم يكن ذلك التصريح مجرد تأكيد لغفران خطيّته، بل أيضًا لسلطان يسوع الملكي. فعن طريق غفران خطايا الرجل، برهن يسوع أن له سلطانًا إلهيًا على إقامة العدل في ملكوت الله. وبشفائه للرجل فورًا بعد غفران خطاياه، برهن يسوع أن رسالته جاءت حقًا من الله.

بالطبع، سلطان يسوع على مغفرة الخطايا، هو أحد أعظم الأسباب لكي نتبعه. فبواسطته، تُمحى خطايانا، ونتمكن من أن نتصالح مع الله. وبدل أن نكون أعداءه، يمكننا أن نكون مواطنين أوفياء لملكوته، وننال كل البركات الأبدية التي تأتي مع ذلك الملكوت.

أما الناحية الثالثة لدور يسوع كملك منتصر. فهي أنه غلب أعداءه.

غلب أعداءه

كان ليسوع عدة أعداء خلال حياته: من القادة اليهود الذين قاوموه، إلى غير المؤمنين الذين رفضوه، إلى الأرواح الشريرة التي طردها، بالإضافة إلى الأعداء الآخرين. وفي كل مرة اصطدم بها مع أعدائه، انتصر. فقد دحض حججهم، وتجنب مؤامراتهم. وحرّر الناس من ظلمهم. حتى إنه استخدم مؤامراتهم ليتمّم مقاصده الخاصة، سامحًا لهم بأن يصلبوه على الصليب لكي يكفّر عن الخطيّة. كلُّ هذه الانتصارات برهنت أن يسوع هو حقًا المسيح الموعود، الملك من نسل داود الذي جاء ليحقق ملكوت الله على الأرض.

مجموعة من الأعداء الذين يشير إليهم مَرقُس غالبًا، هم الأرواح الشريرة. في الواقع، شدّد مَرقُس على سلطان يسوع على الأرواح الشريرة والقوى الشيطانية أكثر من كتّاب الأناجيل الآخرين. فقد ركّز انتباه قرائه على سيطرة يسوع على الأرواح الشريرة.

بالنسبة لمَرقُس، هذا النزاع بين يسوع والأرواح الشريرة كان الدليل على أن يسوع أتى بملكوت الله. فحضور الملكوت لا يعني حياة مسالمة دون صراع. بل على العكس، فهو يعني أن ملكوت يسوع قد جاء ليُحارب وينتصر في النهاية على قوى ملكوت الشر الشيطانية. بالنسبة للمسيحيين في روما، يعني ذلك أن آلامهم هي جزء من حرب روحية أكبر. وعلى الرغم من أنهم قد يُظلمون ويُضطهدون أحيانًا، لكنهم ما زالوا في الجهة الرابحة، وفي يوم من الأيام سيكون لهم الانتصار الكامل. وهذا ينطبق أيضًا علينا اليوم.

وبالرغم من عظمة سلطان يسوع على الأرواح الشريرة، فإن انتصاره الأعظم هو على الموت نفسه، الذي يدعوه بولس “العدو الأخير” في ١ كورنثوس ١٥: ٢٦. فكما سبق ورأينا، شرح يسوع قبل موته تكرارًا لتلاميذه، أن موته كان وسيلة انتصاره.  فالموت هو عدو. لكن يسوع سينتصر على هذا العدو ويستخدمه لتحقيق مقاصده. كمثل واحد فقط، استمع كيف طمأن يسوع تلاميذه أثناء العشاء الأخير في ١٤: ٢٤ – ٢٥:

وَقَالَ لَهُمْ: “هَذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ، الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ. اَلْحَقَّ أَقُولُ لَكُمْ: إِنِّي لاَ أَشْرَبُ بَعْدُ مِنْ نِتَاجِ الْكَرْمَةِ إِلَى ذَلِكَ الْيَوْمِ حِينَمَا أَشْرَبُهُ جَدِيداً فِي مَلَكُوتِ اللَّهِ”.

كراع لطيف، وعد يسوع بأن موته لن يكون أبدًا سببًا لانهيار العزيمة، فموته هو عهد الله بالانتصار على الخطيّة ونتائجها. كما وعد أيضًا بأن ذلك لن يكون العشاء الأخير الذي سيشاركه مع تلاميذه. فبعد كل تلك الأمور المرعبة التي كانت على وشك الحدوث – إعتقاله، ومحاكماته، وآلامه وموته – سوف يشرب معهم الكأس ثانية عندما يتحقق ملكوته بكل مجده. فمن قرّاء مَرقُس الأولين في العالم القديم إلى الكنيسة عبر العصور، تُذكّرنا احتفالاتنا بعشاء الرب بأن انتصار المسيح سيتغلب في النهاية على كل آلامنا. ويومًا ما، سنُكافأ عن طريق الاحتفال بوليمة الانتصار مع يسوع نفسه.

في صلبه وموته ودفنه، سمح يسوع للموت بأن يتسلط عليه لفترة، لكي يفدينا من الخطيّة. لكنه لم يبق تحت سلطانه. فبقيامته، غلب حتى الموت، مبرهنًا دون أدنى شك أنه المسيح، الملك المسيحاني الذي أرسله الله ليسترد ملكوته على الأرض.

لكن إن كان يسوع قد أتى ليملك، فهل هذا يعني أنه فشل؟ لا شك أن هذا السؤال أزعج قرّاء مَرقُس المضطهدين، تمامًا كما يزعج الكثير من المسيحيين في كل عصر. فنحن لا نرى يسوع يملك على الأرض اليوم. ولا يبدو أنه تمّم كل ما يتوقع من الملك المسيحاني أن يفعله.

نلحظ في إنجيل مَرقُس، في النصف الأوّل من الإنجيل، التركيز الكبير على يسوع كملك، فقد برهن أن له سلطانًا على المرض. وبرهن أيضًا أن له سلطان على الطبيعة. وأنّه أيضًا قادرٌ أن يجمع أتباعًا حوله. فهو يفعل كلّ ما نتوقّع أن يفعله ملكٌ إله بيننا. ولكنّ المفاجأة التي صعُب على التلاميذ تقبّلها، خصوصًا في إنجيل مَرقُس، هي عندما أعلن يسوع وأكّد أنّه الملك، وما إن بدأت عقولهم ترى النور، حتى أكمل قائلاً إنّه سيُرفَض ويتألّم ويموت. وأظنّ أنّهم في البداية وجدوا صعوبةً كبيرةً في تقبّل فكرة أنّ الملك سيأتي بينهم كشخصٍ يخدِم. وإذا أعدنا النظر الآن في نبوءات الملك الآتي، يمكننا أن نستنتج من مقاطع مثل إشعياء ٥٣ تتحدث عن ملكٍ سوف يأتي لكنه سيتألّم أيضًا ويموت. وآمن يسوع أنّه مات كفدية عن خطية البشر، وأنّه على الصليب سيتخلى عن جلاله للتكفير عن خطية البشر. ولكن هذه ليست نهاية القصّة لأنّ المسيح قام من بين الأموات وصعد إلى السماء وهو الآن ملك على الخليقة بأسرها وسيعود ليدين الأحياء والأموات. [د. سيمون فيبير]

لم يكن يسوع ذلك المسيح الذي كان معظم الناس يتوقعونه في القرن الأول، وهو ليس نوع المسيح الذي يريده معظم الناس اليوم. فقد عاش حياة الخادم المتألم، ودعا شعب ملكوته أن يفعلوا الشيء ذاته. ففي مثلَيه عن الزارع وحبة الخردل في مَرقُس ٤، علّم يسوع أن أتباعه سيتضايقون بسبب الاضطهاد، وسيبدو كما لو أن ملكوته سينهزم.

لكنه علّم أيضًا أن عند بعض الناس كلمة الملكوت تتجذر وتنتج ثمرًا. فهم يقبلون ملكوت الله بطاعة، ويتبعون يسوع ويثمرون، وهكذا ينمو ملكوت الله.

الملكوت محجوب وقتيًا. وهو ينمو ببطء. لا بل هو يعاني الآن. لكن في النهاية سيأتي ملكوت الله بكل ملئه. وكما قال يسوع في ٤: ٢٢:

لَيْسَ شَيْءٌ خَفِيٌّ لاَ يُظْهَرُ، وَلاَ صَارَ مَكْتُومًا إِلاَّ لِيُعْلَنَ.

رسالة مَرقُس الى قرّائه الأولين وإلينا واضحة: ملكوت الله ينمو بصورة خفية، متصارعًا مع الاضطهاد والألم والأعداء. لكنه ينمو بدون شك وفق جدول الله. فملكوت الله وخدمة يسوع لا يمكن أن تتوقفا. في يوم من الأيام سيعود يسوع ليُنهي ما بدأه. وسوف يغلب نهائيا وبصورة كاملة كل أعدائه، ونحن سنتمجد، إذ ندخل الحالة النهائية للحياة الأبدية التي لن تنتهي أبدًا. في ذلك الوقت، لن تبقى نبوة من العهد القديم دون أن تتحقق.  فسوف يتمّم كل شيء.

الخاتمة

درسنا في هذا الدرس، خلفية إنجيل مَرقُس بعلاقتها بمَرقُس ككاتب، وبقرّائه الأولين ومناسبة الكتابة. كما تناولنا بنية ومحتوى إنجيله.  وركّزنا على اثنين من مواضيعه الرئيسية: هوية يسوع كخادم متألم وكملك منتصر. إن قرأنا الإنجيل مع هذه الأفكار في ذهننا، سنجد أننا نفهم مَرقُس بصورة أعمق، وسنتمكن من تطبيقه بصورة أفضل على حياتنا في عالمنا المعاصر.

يشدّدُ إنجيلُ مَرقُسَ على نَواحٍ في شَخصيةِ يسوعَ وخِدمتِه، لا تشدّدُ عليها الأناجيلُ الأخرى. وهو يصفُ لنا يسوعَ كمُعلمٍ قويٍّ نشيطٍ مليءٍ بالحركةِ في محيطِه. لكنه يبيّنُ لنا أيضًا أنه رَغمَ سُلطانِه، قام يسوعُ طوعًا بلَعِبِ دَورِ الخادمِ المتألمِ. ويدعونا مَرقسُ إلى استجاباتٍ متنوعةٍ في تتبُّعِنا لمثالِ ربِّنا. فهو يريدُنا أن نقعَ عند أقدامِ يسوعَ بدهشةٍ، وأن نُصغيَ إليه بصمتٍ، ونتجاوبَ مع كلماتِه بطاعةٍ جِذريّةٍ. كما يريدُنا أن نكونَ مستعدين أن نتألمَ من أجلِ ملكوتِ اللهِ، تمامًا مثلما فعلَ يسوعُ. كذلك يريدُنا أن نتشجعَ، عالمين أنه عندما انتصرَ يسوعُ على أعدائِه بواسطةِ الصليبِ، ضَمَنَ لنا الانتصارَ أيضًا. ونحن نَثبُتُ على هذا الرجاءِ إلى اليومِ الذي يرجِعُ فيه المسيحُ بمجدٍ ليعطيَنا ذلك الانتصارَ عند اكتمالِ ملكوتِه.

 

قدّم هذه السلسلة باللغة العربية ق. وليد هرموش.

د. ريتشارد بوكام هو كاتب وباحث في العهد الجديد وأستاذ فخري بجامعة القديس أندراوس في إسكتلاندا.

د. ستيفين تشان هو أستاذ مشارك للاهوت الدراسات الدينيّة بجامعة سياتل.

ق. لاري كوكريل هو راعي كنيسة هاوسهولد أوف فايث وعضو هيئة التدريس في كلية برمنغهام للاهوت.

ق مايكل غلودو هو أستاذ مساعد للدراسات الكتابيّة بكليّة اللاهوت المُصلح في أورلاندو، فلوريدا.

د. جيف لومان هو راعي الكنيسة الإنجيلية المشيخية في ألاباستر، ألاباما وأستاذ الوعظ واللاهوت النظامي بكليّة بيرمنغهام للاهوت.

د. جون ماكينلي هو أستاذ مساعد للدراسات الكتابيّة واللاهوتية بكلية تالبُت للاهوت.

د. جون أوسوالت هو أستاذ متميّز للعهد القديم  في كلية آسبوري للاهوت.

د. غريغ بيري هو نائب الرئيس للمشروعات الاستراتيجية في خدمات الألفيّة الثالثة (وسابقًا أستاذ مساعد للعهد الجديد ومدير مبادرة خدمة المدينة بكلية كوفينينت (العهد) للاهوت).

د. روبرت بلَمر هو أستاذ مساعد لتفسير العهد الجديد في كلية اللاهوت المعمدانية الجنوبية.

د. توماس شراينر هو الأستاذ الجالس على كرسي جيمس بوكانان هاريسون لتفسير العهد الجديد والعميد المشارك لقسم الكتاب المقدس والتفسير بكلية اللاهوت المعمدانية الجنوبية.

د. مارك ستراوس هو أستاذ العهد الجديد في كلية بيت إيل للاهوت في سان دياجو.

د. فرانك ثيلمان هو أستاذ لاهوت العهد الجديد في كلية بيسون للاهوت.

د. إريك ثيونيس هو أستاذ ورئيس قسم الدراسات الكتابيّة واللاهوتيّة بكلية تالبُت للاهوت، جامعة بيولا.

د. سايمن فايبرت هو الراعي السابق لكنيسة القديس لوقا، ويمبلدون بارك، بالمملكة المتحدة، ويشغل حاليًا منصب نائب مدير ويكليف هوول، بأكسفورد، ومدير كلية الوعظ.

د. بيتر واكر هو أستاذ الدراسات الكتابيّة بكليّة ترينتي للخدمة (عمل سابقًا استاذًا للدراسات الكتابيّة وكنائب مدير مشارك في ويكليف هوول، جامعة أوكسفورد.

 

  • دليل الدراسة
  • الكلمات المفتاحية

القسم الثالث: المواضيع الرئيسية

مخطط لتدوين الملاحظات

III. المواضيع الرئيسية

أ. العبد المتألم

1. التوقعات اليهودية

2. خدمة يسوع

3. الاستجابة المناسبة

ب. الملك المنتصر

1. أعلن ملكوته

2. برهن قوته وسلطانه

3. غلب أعداءه

الخاتمة

أسئلة المراجعة

1. قُم بوصف حياة اليهود أثناء القرون الأخيرة قبل المسيح. أين كان يعيش أغلبهم؟ ما الذي حدث للذين كانوا يعيشون في إسرائيل؟

2. قُم بوصف توقعات تأسيس الملكوت التي كانت لدى كلٍّ من المجموعات اليهودية التي عاصرت المسيح:
الغيورون
مجموعات تؤمن بالرؤى
الناموسيون

3. اذكر الموضوعين الأساسيين للإنجيل بحسب مرقس.

4. تأكد من معرفتك لمحتوى كل من المقاطع الكتابية التالية:
مر 10: 45
مر 12: 30
مر 8: 34-35
مر 10: 27

5. اذكر الطرق التي أظهر بها يسوع أنه هو العبد المتألم.

6. اذكر الموضع الذي وُصِفت فيه فكرة المسيَّا بصفته العبد المتألم في العهد القديم.

7. ما هو رد الفعل الذي يريد مرقس أن يثيره لدى قُرَّاء هذا الإنجيل؟

8. اذكر الطرق التي أظهر بها يسوع أنه هو الملك المنتصر.

9. ما هو أعظم إظهار لسلطان يسوع، بحسب الدرس؟

10. ما هو أعظم انتصار ليسوع على أعدائه، بحسب الدرس؟

أسئلة تطبيقية

1. ما الذي يعنيه لك شخصيًا أن يكون يسوع هو العبد المتألم؟

2. ما الذي يعنيه لك أن يكون هو الملك المنتصر؟

3. كيف يشجعك هذا الدرس في حياتك المسيحية؟

4. ما هو أهم شيء تعلمته من كل هذا الدرس؟

AJAX progress indicator
Search: (clear)
  • رؤيوي
    اسم معطى لجماعات يهودية من زمن المسيح، والذين آمنوا أن الله سيتدخل بطريقة معجزية ليدمر أعدائهم وليبدأ ملكوته.
  • برنابا
    ابن عم مارك (كاتب الانجيل الثاني). اصطحب بولس في رحلته الإرسالية الأولى، مع مرقس، الذي تركهم قبل أن ينتهوا من رحلتهم. وبما أن بولس لم يرد أن يأخذ مرقس معه في رحلته الإرسالية اثانية، أخذ هذا الرجل مرقس معه في رحلة منفصلة
  • بوانرجس
    تعبير آرامي يعني "اني الرعد"، استخدمه المسيح مع يعقوب ويوحنا
  • كفرناحوم
    مدينة على الساحل الشمالي من بحر الجليل. وعظ يسوع كثيرًا هنا وقام بصنع المعجزات في وقت مبكر من خدمته
  • كريستوس
    كلمة يونانية (تم نقلها حرفيًا إلى العربية) تعني المسيح، وهي مستخدمة في السبعينية لتترجم "مشيخ" أو "مسيا" وتعني "الممسوح"
  • اكليسية
    مصطلح يوناني يعني الجماعة، شعب الله، الكنيسة.
  • إيليا
    نبي من العهد القديم ظهر مع موسى عند تجلي يسوع.
  • إسخاتولوجي
    تعبير لاهوتي لدراسة الأيام الأخيرة
  • الإنجيل الأول
    يُعرف أيضًا باسم بروتوإيفانجليون، وهو مصطلح لاهوتي يطلق على أول وعد بالفداء والموجود في التكوين 3: 15
  • يوسابيوس
    مؤرخ مسيحي مبكر (263- 340 م) كتب كتاب "التَّارِيخِ الْكَنَسِيِّ".
  • إيريناوس
    كاتب مسيحي مبكر (130-202). كتب "ضد الهرطقات"، حيث يؤكد على صحة الأناجيل الأربعة، ويقول التعليق التالي أيضًا عن إنجيل متى: "متى أيضًا أصدر إنجيلاً مكتوبًا بين العبرانيين بلهجتهم الخاصة، بينما كان بطرس وبولس يعظان في روما، ويضعان أسس الكنيسة"
  • يوسف
    الأب الشرعي ليسوع (وليس الجسدي)، زوج مريم، من نسل داود
  • يوسيفوس
    مؤرخ يهودي من القرن الأول الميلادي (37- 100م تقريبًا) والذي كتب مجلد "الْعَادِيَّاتِ".
  • قهال
    تعبير عبري يعني الجماعة، شعب الله
  • ملكوت السموات
    تعبير استخدمه متى فقط ليشير إلى النطاق الروحي الجديد الذي أسسه يسوع. استخدم متى هذا التعبير بدون اسم "الله" اتباعاً لعادات اليهود في تجنب استخدام اسمه.
  • كيريوس
    كلمة يونانية (نقلت حرفيًا إلى العربية) تعني "رب".
  • لاوي
    اسم آخر لمتى
  • موسى
    نبي من العهد القديم ومحرر قاد الإسرائيليين من مصر. الرجل الذي قطع الله معهم "عهد الناموس" القومي، ومن قدم الوصايا العشرة وسفر العهد لشعب إسرائيل. ظهر أيضًا مع إيليا عند تجلي يسوع.
  • اسميين
    الاسم المعطى لجماعات يهودية آمنوا أن الله لن يتدخل ليؤسس ملكوته حتى تصبح إسرائيل مطيعة في حفظ الناموس
  • أوريجانوس
    هو لاهوتي مسيحي مبكر من الإسكندرية (185-254م تقريبًا)، تشمل كتاباته على "عن المبادئ الأولى"، والذي يدافع فيه عن كون الكتاب المقدس السلطة النهائية للعقيدة المسيحية، و"الهكسبلا"، وهي دراسة مقارنة للترجمات العديدة للعهد القديم.
  • بابياس
    كاتب مسيحي مبكر (من بداية القرن الثاني) يوسابيوس اقتبسه في كتاب "تاريخ الكنيسة" على أنه يقول تعليقات عن الأناجيل متى ومرقس.
  • بطرس
    رسول كان مرقس يساعده في روما. بحسب مؤرخي الكنيسة، اعتمد مرقس على سرده لحياة المسيح في كتابة انجيله. كان يدعو مرقس "ابنه".
  • بيلاطس
    الحاكم الروماني الذي أمر بصلب يسوع
  • بلوتارخ
    مؤرخ يوناني علماني، 46- 120م. كتب سيرة ذاتية عن حياة شَيْشَرون، وهي مثال عن كيف أن حتى السير الذاتية العلمانية في ذلك الوقت حاولت أن تحافظ على السجلات الدقيقة.
  • روفس
    مذكور في انجيل مرقس كأحد أبناء الرجل الذي حمل صليب المسيح. وهو في الغالب نفس الشخص الذي ذكره بولس في الرومية كعضو في الكنيسة في روما.
  • الصدوقيين
    طائفة يهودية كانت موجودة في زمان المسيح؛ التصقت بالناموس المكتوب ولم تؤمن بقيامة الأموات.
  • ابن داود
    الاسم الذي يستخدمه متى كثيرًا (أكثر من كل الأناجيل الأخرى مجمعة) للحديث عن يسوع
  • إيزائية
    تعني "تُرى معاً". يُستخدم هذا المصطلح للأناجيل الثلاثة الأولى، متى، مرقس، ولوقا بسبب التشابهات بينهم.
  • يهوه
    اسم عبراني لله، عادة ما تترجم "رب"، ويأتي من جملة "أكون من أكون"
  • غيورون
    طائفة يهودية في وقت زمان المسيح آمنت أن الله سيُدخل ملكوته من خلال تمردهم على السلطات
الاختباراتالحالة
1

الأناجيل - الدرس الثالث - الامتحان الثالث

‫القسم ‫السابق

انجازك في الدورة

محتوى الدورة الدراسية

ابدأ هنا- مخطط الدورة الدراسية
الدرس الأول: مدخل إلى الأناجيل
  • تحضير الدرس الأول
  • الأناجيل - الدرس الأول - القسم الأول
  • الأناجيل – الدرس الأول – القسم الثاني
  • الأناجيل – الدرس الأول – القسم الثالث
  • الأناجيل – الدرس الأول – القسم الرابع
  • الأسئلة التعبيرية
  • الأسئلة المقالية
الدرس الثاني: الإنجيل بحسب متى
  • تحضير الدرس الثاني
  • الأناجيل - الدرس الثاني - القسم الأول
  • الأناجيل – الدرس الثاني – القسم الثاني
  • الأناجيل – الدرس الثاني – القسم الثالث
  • الأسئلة التعبيرية
  • الأسئلة المقالية
الدرس الثالث: الإنجيل بحسب مرقس
  • تحضير الدرس الثالث
  • الأناجيل - الدرس الثالث - القسم الأول
  • الأناجيل - الدرس الثالث - القسم الثاني
  • الأناجيل - الدرس الثالث - القسم الثالث
  • الأسئلة التعبيرية
  • الأسئلة المقالية
الدرس الرابع: الإنجيل بحسب لوقا
  • تحضير الدرس الرابع
  • الأناجيل - الدرس الرابع - القسم الأول
  • الأناجيل - الدرس الرابع - القسم الثاني
  • الأناجيل - الدرس الرابع - القسم الثالث
  • الأسئلة التعبيرية
  • الأسئلة المقالية
الدرس الخامس: الإنجيل بحسب يوحنا
  • تحضير الدرس الخامس
  • الأناجيل - الدرس الخامس - القسم الأول
  • الأناجيل - الدرس الخامس - القسم الثاني
  • الأناجيل - الدرس الخامس - القسم الثالث
  • الأسئلة التعبيرية
  • الأسئلة المقالية
الدرس السادس: القراءات المطلوبة
  • متطلبات القراءة 1
  • متطلبات القراءة 2
  • متطلبات القراءة 3
العودة إلى الأناجيل

Copyright © 2021 · Education Pro 100fold on Genesis Framework · WordPress · Log in