العمل
القدرة على الخلق
العالم الطبيعي
التجديد الشخصي
التقديس
موضوعات ذات صلة
النعمة
النعمة العامة
نعمة العهد
موضوعات ذات صلة
النعمة الخلاصية
الإعلان
الإعلان العام
موضوعات ذات صلة
الإعلان الخاص
الاستنارة والإرشاد الداخلي
الخاتمة
موضوعات ذات صلة
العمل
القدرة على الخلق
العالم الطبيعي
المواهب الروحية
التجديد الشخصي
التقديس
النعمة
النعمة العامة
نعمة العهد
النعمة الخلاصية
الإعلان
الإعلان العام
الإعلان الخاص
الاستنارة والإرشاد الداخلي
الخاتمة
العمل
إن إحدى فوائد أن يكون لنا فهماً عميقاً لعمل الروح القدس، هو معرفتنا أن الله يعمل فينا بطريقة شخصية جداً. فهو لا يضغط أزراراً. بل يأتي إلينا ويتفاعل معنا بصورة شخصية جداً. وهكذا يسكن الروح القدس في قلوبنا فعلاً. يصلي معنا ومن أجلنا. يعطينا مواهب القداسة ويشترك معنا بعدة طرق. في الواقع، إنه يعطينا ثمار الفضائل المسيحية في كل مرحلة من حياتنا، كما يخبرنا بولس في رسالة غلاطية. [د. جون فريم]
ورغم أن قانون إيمان الرسل لا يصف الكثير عن عمل الروح القدس، في الإقرار “أؤمن بالروح القدس”، أشار قانون الإيمان في الأصل إلى عدد من المعتقدات حول عمل الروح.
يوجد العديد من الطرق لوصف عمل الروح القدس، لكننا سنستكشف أربعة جوانب فقط. أولاً، سننظر إلى قدرته على الخلق. ثانياً، سنركز على عمله في التقديس. ثالثاً، سنتحدث عن منحه النعمة. ورابعاً، سنصف الإعلان الذي يوفّره. فَلْنبدأ بقدرته على الخلق.
القدرة على الخلق
نعني بمصطلح القدرة على الخلق قدرة الروح القدس على خلق أشياء جديدة، وقدرته على التحكم وتغيير ما تم خلقه.
عندما تقرأ أول فصل في الكتاب المقدس أي تكوين 1 تجد أن الروح يرف على وجه المياه أي الروح القدس. وعندما ننتقل إلى كولوسي 1، نقرأ أن المسيح هو الخالق، وأنه يخلق بواسطة الروح القدس. كما يشترك الروح القدس أيضاً في إعادة الخلق. أي إعادة الخلق بالنسبة لما نفكر به في التحويل. فالروح القدس هو الذي يجددنا. وإِنْ لم نُولَدُ مِنَ َالرُّوحِ، لاَ نَقْدِرُ أَنْ نَدْخُلَ مَلَكُوتَ اللَّهِ. لكن لا يعمل الروح في تجديدنا كأفراد فقط، إنما في تجديد الكون أيضاً. ولهذا يخبرنا بولس في رومية 8 أن الخليقة نفسها تئن وتتمخض، منتظرة تجديد كل شيء، أي عمل الروح القدس. [د. ديريك توماس]
ستركّز مناقشتنا لقدرة الروح القدس على الخلق على ثلاثة مستويات لنشاطه. أولاً، سنتحدث عن عمله في الخلق في العالم الطبيعي. ثانياً، سنركز على المواهب الروحية التي يوفرها للكنيسة. وثالثاً، سنتأمل في دوره في التجديد الشخصي لأرواحنا البشرية وقلوبنا. دعونا نبدأ بالطريقة التي ظهرت فيها قدرته على الخلق في العالم الطبيعي.
العالم الطبيعي
يمكننا رؤية قدرة الروح القدس على الخلق في العالم الطبيعي أولاً في الآيات الافتتاحية من الكتاب المقدس. وقد سبق ونظرنا في هذا الدرس، إلى دور الروح في سجل الخليقة في تكوين 1، وأشرنا إلى أنه مارس قدرته الإلهية الكلية ليخلق العالم من العدم. ونجد فكرة مشابهة في مزمور 104: 30، حيث حمد كاتب المزامير الله لإرساله روحه ليخلق الأرض وكل مخلوقاتها، ليس في أسبوع الخلق الأصلي فقط، لكن بشكل يومي أيضاً. ويعكس مزمور 33: 6 هذه الفكرة، ويَبْسطها أيوب 33: 4 إلى البشر بالتحديد. وكمثال واحد فقط، اصغ لكلمات مزمور 104: 30:
تُرْسِلُ رُوحَكَ فَتُخْلَقُ وَتُجَدِّدُ وَجْهَ الأَرْضِ. (مزمور 104: 30)
عبّر كاتب المزامير، في هذه الآية، عن فهمه للطريقة التي وُجِد فيها كل شيء في الخليقة. وقد نَسب كل شيء إلى روح الله، أي الروح القدس.
يمكن رؤية قدرة الروح القدس على الخلق في العالم الطبيعي أيضاً، من خلال المعجزات العديدة التي أيدها في الأسفار المقدسة. على سبيل المثال، مكّن الروح القدس موسى في العهد القديم من إخراج الماء من الصخرة في خروج 17: 6. وكثّر طحين الأرملة وزيتها في الملوك الأول 17. ومكّن يسوع في العهد الجديد، من تكثير الطعام ليُطعم خمسةَ آلافِ شخص في متى 14، وأربعةَ آلافِ شخص في متى 15. أقام يسوع من الموت، كما نقرأ في رومية 8: 11. كما أنه مكّن بولس من صنع المعجزات والقيام بالخدمة، كما نقرأ في رومية 15: 18-19.
وبالطبع، كان التجسد أحد أعظم معجزاته، جاعلاً مريم العذراء تحبل بيسوع. إن هذه المعجزة الاستثنائية، والمدونّة في لوقا 1: 35، هي عمل الروح القدس الوحيد المذكور بوضوح في قانون إيمان الرسل. وحتى اليوم، يمتلك الروح القدس قدرة مثيرة على خلق، تجديد، ومواكبة الخليقة كلها إلى الحالة النهائية التي قصدها الله لها.
في الواقع، لن ينتهي تجديد الروح للعالم إلى أن يعكس كل نتائج سقوط البشرية في الخطيّة بالكامل. ويخبرنا تكوين 3، أنه عندما أكل آدم وحواء الفاكهة المحرّمة من شجرة معرفة الخير والشر، لعنهما الله. ولأن البشر مُنِحوا السلطان كنائبين عن الله أو ممثليه على كل الأرض، فقد أثرت لعنة الله على آدم وحواء في الخليقة كلها، بما في ذلك الأرض نفسها. ويعمل الروح القدس منذ ذلك الوقت، في العالم ليجدده ويصل به إلى حالته النهائية. وستكون النتيجة السماوات الجديدة والأرض الجديدة التي نقرأ عنها في أماكن مثل إشعياء 65: 17؛ و66: 22، رسالة بطرس الثانية 3: 13، ورؤيا 21: 1.
بعد أن نظرنا إلى قدرة الروح القدس على الخلق في العالم الطبيعي، سننظر كيف يستخدم قدرته على الخلق ليزوّد الكنيسة بالمواهب الروحية.
المواهب الروحية
عندما نتحدث عن المواهب الروحية يتبادر إلى ذهننا:
القدرات الخارقة للطبيعة في الأصل، التي يعطيها الروح القدس لأفراد معيّنين بهدف بناء الكنيسة.
يخلق الروح القدس هذه المواهب، بمنح قدرات جديدة إلى أشخاص كانت تنقصهم مسبقاً، أو بتعزيز القدرات الموجودة خارج المواهب أو الخبرة الطبيعية للشخص الذي يحصل عليها.
إن المواهب الروحية في العهد الجديد، هي قدرات خاصة فريدة من نوعها، تُمنح بصورة خارقة للطبيعة. وأعتقد أنه من المهم أن ندرك أنها أكثر من مجرد مواهب. فهي تُمنَح بصورة خارقة للطبيعة لكل مؤمن. حيث أن لكل مؤمن موهبة روحية واحدة أو ربما أكثر. [د. مارك ستراوس]
تَظهر لوائح أنواع المواهب التي أعطاها الروح القدس للكنيسة الأولى في أماكن مثل رومية 12، رسالة كورنثوس الأولى 12، وأفسس 4. وتشبه بعض هذه المواهب، المواهب الطبيعية أو القدرات البشرية العامة. حيث توجد قدرات يمتلكها حتى الناس خارج الكنيسة بدرجة ما، وذلك لمجرد أنهم مخلِوقين على صورة الله – مثل الحكمة، المعرفة، الخدمة، التعليم، التشجيع، الكرم، القيادة، والرحمة. لكن كان لمواهب روحية أخرى مصادر مباشرة خارقة للطبيعة بشكل واضح، مثل الشفاء والقدرات المُعجزية. وما يزال بعضها كامن بين ما هو طبيعي وما هو خارق للطبيعة، مثل النبوة، التكلم بالألسنة، ترجمة الألسنة، وتمييز الأرواح.
ويتفق المسيحيون على أن الروح القدس يمنح مواهب خارقة للطبيعة لكنيسته. لكن يوجد ضمن هذا الاتفاق العام، مجموعة متنوعة من الآراء المتفاوتة قليلاً. حيث تتمسك بعض الكنائس بموقف انتهاء المواهب، ويعتقدوا أن الروح القدس في العصر الحالي، يعطي فقط المواهب التي تشبه المواهب الطبيعية. ويظنوا أن المواهب الأكثر إذهالاً انتهت، ربما بعد العصر الرسولي، أو مع ختام قانونية الأسفار المقدسة.
كما وتتمسك كنائس أخرى بموقف استمرارية المواهب. حيث يؤمنوا أن الروح القدس ما زال يمنح نفس المواهب التي نجد أنها ظهرت في العهد الجديد. ويوجد مع هذا الموقف، العديد من وجهات النظر المختلفة بخصوص المواهب التي يمكن أن يتوقع أي مسيحي أن يحصل عليها.
ويوجد بين هذين النقيضين، مجموعة متنوعة من الآراء المعتدلة. حيث تميل الكنائس المعتدلة إلى الاعتقاد بأن الروح القدس ما يزال قادراً على إعطاء المواهب المذهلة عندما يشاء. لكنها لا تصرّ على وجوب أن يعطي الروح القدس كل نوع من أنواع المواهب لكنيسته دائماً. وتشدد هذه الكنائس على حرية الروح القدس ليعمل بأية طريقة وفي أي وقت. لكن هناك أمر واحد تشترك فيه كل هذه المواقف، وهو الاعتقاد بأن الروح القدس يستمر في منح بعض المواهب على الأقل لشعبه من أجل منفعة الكنيسة.
إن المواهب الروحية هي قدرة الله، ويجب أن تُستَخدم من أجل شعبه ككل. وهي لا تُمنح لإشباع رغبات الأفراد أو لتعزيز حياتهم الروحية. بل لتمكين الكنيسة للخدمة ولتساعدها على النمو إلى مرحلة النضج في المسيح. ونرى ذلك في رومية 12: 4-5، رسالة كورنثوس الأولى 12: 7، وأفسس 4: 7–16. وكمثال واحد فقط، اصغ لما كتبه بولس في رسالة كورنثوس الأولى 12: 7:
وَلكِنَّهُ لِكُلِّ وَاحِدٍ يُعْطَى إِظْهَارُ الرُّوحِ لِلْمَنْفَعَةِ. (1 كورنثوس 12: 7)
وكما أشار بولس هنا، تُعطى المواهب الروحية من أجل الكنيسة. ويمكن أن يستفيد الأفراد الموهوبين من مواهبهم الخاصة. لكنّ التركيز والهدف الأساسي لمنح المواهب هو لمنفعة الكنيسة. إنها أعمال قوة مبدعة يستخدمها الروح القدس ليبني كنيسته ككل.
إن أحد أهم الأشياء التي نعرفها عن المواهب الروحية، هو أنها ينبغي أن تنمو، تُكتَشف وتُستَخدَم في إطار الكنيسة، أي إطار جسد المسيح. وليست هذه المواهب الروحية مواهب فردية يستمتع بها الشخص ويستفيد منها بمفرده. بل تُمنح لتبني الجماعة، لتبني كنيسة يسوع المسيح. [د. رياض قسيس]
إن المواهب الروحية الممنوحة لنا من الروح القدس هي من أجل تنوير الكنيسة، أي لبنيان الكنيسة، من أجل القيام بالخدمة المسيحية، ومن أجل تشجيع أحدنا الآخر وإتمام الإرسالية العظمى. إن التركيز الأساسي الذي نجده اليوم، خصوصاً في المسائل الكارزماتية، مثل التكلم بالألسنة والنبوات، هو في الواقع تشديد ثانوي في الأسفار المقدسة. فنحن نريد التركيز على المواهب الروحية، كما يفعل العهد الجديد. أي تلك التي تعزينا، التي تقوم بعمل الخدمة بشكل فردي وجماعي في العالم. [د. ستيڤن وِلِم]
بعد أن فهمنا كيف يستخدم الروح القدس قدرته على الخلق في العالم الطبيعي وفي تزويد الكنيسة بالمواهب الروحية، دعونا ننظر إلى الطريقة التي تجلّت فيها قدرته في التجديد الشخصي لروح كل مؤمن وقلبه.
التجديد الشخصي
تعلم الأسفار المقدسة أن البشر يولدون في حالة من الموت الروحي. وكما تشير رومية 5: 12-19، نحن مذنبون بخطية آدم، ومعرَّضون للموت نتيجة ذلك. وهكذا، وحتى يخلّصنا من هذا المأزق، خلق الروح القدس فينا حياة جديدة وذلك بجَعل أرواحنا تحيا أمام الله. ويتحدث الكتاب المقدس عن هذه الحياة الجديدة بعبارات التجديد والولادة الثانية. ونقرأ عنها في يوحنا 3: 3–8، تيطس 3: 5، رسالة يوحنا الأولى 5: 1–18، وعدة أماكن أخرى. وكمثال واحد فقط، اصغ لكلمات بولس في تيطس 3: 5:
خَلَّصَنَا بِغُسْلِ الْمِيلاَدِ الثَّانِي وَتَجْدِيدِ الرُّوحِ الْقُدُسِ. (تيطس 3: 5)
يستمر الروح القدس في العمل فينا، بعد تجديدنا، ليغيّر أفكارنا، مشاعرنا، وتصرفاتنا، ليجعل منا الأشخاص الذين يحبون الرب ويطيعونه. ويتحدث العهد الجديد عن هذا في فقراتٍ مثل رومية 8: 1–16، رسالة كورنثوس الأولى 12: 3، غلاطية 5: 16–25، وفيلبي 2: 13. ولعل المناقشة الأكثر شهرةً عن قوة الروح القدس المغيِّرة، هي وصف بولس للثمر الذي يخلقه الروح القدس في حياة المؤمنين. اصغ لما كتبه بولس في غلاطية 5: 22-23:
وَأَمَّا ثَمَرُ الرُّوحِ فَهُوَ مَحَبَّةٌ فَرَحٌ سَلاَمٌ طُولُ أَنَاةٍ لُطْفٌ صَلاَحٌ إِيمَانٌ وَدَاعَةٌ تَعَفُّفٌ. (غلاطية 5: 22-23)
تَنتُج كل هذه التغييرات في شخصيتنا من قوة الروح القدس الفعالة المبدعة، بينما يجعلنا مشابهين لصورة يسوع المسيح.
وبالطبع، سيستخدم الروح القدس قوته في اليوم الأخير، ليقيم أجساد كل المسيحيين المؤمنين، ويعطينا أجساداً كاملة غير فاسدة مثل جسد يسوع. اصغ لما قاله بولس عن هذا في رومية 8: 23:
وَلَيْسَ هكَذَا فَقَطْ بَلْ نَحْنُ الَّذِينَ لَنَا بَاكُورَةُ الرُّوحِ نَحْنُ أَنْفُسُنَا أَيْضاً نَئِنُّ فِي أَنْفُسِنَا مُتَوَقِّعِينَ التَّبَنِّيَ فِدَاءَ أَجْسَادِنَا. (رومية 8: 23)
عندما قال بولس أن أتباع يسوع لهم باكورة الروح، فقد اقتبس كلامه من ممارسة العهد القديم في تقديم الحصاد الأول كنموذج عن حصاد تلك السنة بأكمله. وبنفس الطريقة، يكون العمل الحالي للروح القدس في المؤمنين، فقط باكورة لشيء أعظم بكثير سيأتي. ولن ينتهي عمل الروح القدس حتى يُعيد خلقنا تماماً، رافعاً اللعنة والفساد عنا، ويُعيدنا إلى الحالة الأصلية الخالية من الخطية. وهكذا، أعطانا الروح القدس حياة الروح الجديدة، لكنه سيقوم في النهاية بإعادة خلق أجسادنا أيضاً.
بعد أن نظرنا إلى أعمال الروح القدس في القدرة على الخلق، دعونا نوجّه انتباهنا إلى عمله في التقديس.
التقديس
عندما نتحدث عن عمل الروح القدس في التقديس، نحن نتكلم عن عمل جَعْل الأشخاص والأشياء مقدسين. وهذا هو العمل الذي يقوم به الروح القدس ليفرز الأشخاص والأشياء لخدمة الله، يطهّرهم، ويجعلهم مهيئين ليقفوا أمام مجده المُعلَن. ومن نواحِ كثيرة، ترتبط هذه الفكرة بشكل وثيق بمفهوم التجديد الذي تطرقنا إليه في القسم الأخير من هذا الدرس.
غالباً ما يقول الكتاب المقدس أن الكنيسة مقدسة أو مكرَّسة من خلال حضور وخدمة الروح القدس. ونرى هذه الفكرة في أماكن مثل رومية 15: 16، رسالة كورنثوس الأولى 6: 11، رسالة تسالونيكي الثانية 2: 13، ورسالة بطرس الأولى 1: 1-2. اصغ للطريقة التي تكلم بها بولس عن الروح القدس في رسالة كورنثوس الأولى 3: 16-17:
أَمَا تَعْلَمُونَ أَنَّكُمْ هَيْكَلُ اللهِ وَرُوحُ اللهِ يَسْكُنُ فِيكُمْ… هَيْكَلَ اللهِ مُقَدَّسٌ الَّذِي أَنْتُمْ هُوَ. (1 كورنثوس 3: 16-17)
كان الهيكل اليهودي في العهد القديم، قصر الله الأرضي حيث سكن حضوره الخاص. لقد كان الهيكل بيته على الأرض، كما أعلن سليمان في أخبار الأيام الثاني 6: 1. لكن لم يسكن الله في الهيكل في العهد الجديد. بدلاً من ذلك، قدّس الروح القدس الكنيسة لتكون الهيكل الجديد. إن هذه الفكرة مذكورة بوضوح في أفسس 2: 22، ويتردد صداها في أجزاء أخرى من الأسفار المقدسة.
يُقال أيضاً أن الروح القدس يقدّس الأفراد المؤمنين بالسُكنى فيهم. والفكرة هي أن الروح القدس يعيش في الواقع في قلوب المؤمنين. وتم ذِكْر هذه السكنى في عدة أماكن في الأسفار المقدسة، مثل رومية 8: 9–16، رسالة كورنثوس الأولى 6: 19، رسالة تيموثاوس الثانية 1: 14، ويعقوب 4: 5.
إن سُكنى الروح القدس هي حقيقة أساسية بالنسبة للمؤمن. فعندما يتدخل الله ويجعل المسيحيين خليقة جديدة في المسيح، يسود الروح القدس على حياتهم. ومن الضروري جداً أن نعتمد عليه، ويجب أن نكون قادرين على التمييز بين العيش بحسب الروح والعيش بحسب الجسد. [د. إريك ثيونس]
إن لهذه السكنى عدة نتائج. وسندوّن بعضاً منها فقط، فهي تطهّرنا من الخطيّة، تفرزنا لله، ونتمتع ونستفيد من تأثير الروح القدس في قلوبنا وأفكارنا. اصغ للطريقة التي تكلم فيها بولس عن هذه الأمور في رسالة كورنثوس الأولى 6: 9-11:
الظَّالِمِينَ لاَ يَرِثُونَ مَلَكُوتَ اللهِ… وَهكَذَا كَانَ أُنَاسٌ مِنْكُمْ. لكِنِ اغْتَسَلْتُمْ بَلْ تَقَدَّسْتُمْ بَلْ تَبَرَّرْتُمْ بِاسْمِ الرَّبِّ يَسُوعَ وَبِرُوحِ إِلهِنَا. (1 كورنثوس 6: 9-11)
لقد تم تطهير المؤمنين، من خلال العمل المقدس للروح القدس، كما تم فرزهم لله، بحيث أنهم لم يعودوا محسوبين بين الأشرار.
هل فكرت يوماً كم هو مميّز أن يسكن الله نفسه فيك؟ إن خالق الكون يحبك لدرجة أنه وحدّك بنفسه للأبد. فأنت لا تتأرجح على عتبة قبوله. بل مُخبَّئ في أعماق قلبه. وهذه العلاقة تقويك ضد الخطيّة. فهي تعطيك القدرة على مقاومة التجربة، والعيش بطرق تُرضي الله. وعندما تُخطئ – مهما كان الأمر سيئاً -فأنت ما تزال مقبولاً في عيني الله. ما تزال أُهلاً للدخول في محضره لتكون لك شركة معه، لتعبده، وبالطبع، لتطلب وتنال غفرانه.
لقد تأملنا في قدرة الروح القدس على الخلق وعمله في التقديس. نحن مستعدون الآن للحديث عن الطرق المتنوعة التي يمنح بها نعمته الإلهية.
النعمة
سنتحدث عن منح الروح القدس لثلاثة أنواع للنعمة: النعمة العامة، نعمة العهد، والنعمة الخلاصية. دعونا نبدأ بالنعمة العامة.
النعمة العامة
النعمة العامة هي الصبر الذي يظهره الله والفوائد التي يعطيها لكل البشرية، بغض النظر عن إيمانهم. ولا يعطي الروح القدس النعمة العامة لكل الناس بالتساوي. إنما يعمل هنا وهناك، وفقاً لخططه ورغباته.
على سبيل المثال، نجد النعمة العامة في الطريقة التي يُقيّد بها الروح القدس الخطيّة في العالم. حيث يكون غير المؤمنين الساقطين تحت سلطة الخطيّة، كما علّم بولس في رومية 8: 1–8. فهم معادون لله بالطبيعة، ومحبون للخطيّة. لكن كما علّم بولس في رومية 7-8، يحارب الروح القدس الخطيّة في العالم. وهذا مشابه للطريقة التي يعمل بها الروح في المؤمنين بعد أن يجدّدهم. ورغم أنه لا يهب بركة بهذه العظمة لغير المؤمنين، فهو غالباً ما يقيّدهم، حتى لا يخطئوا بشدة حسب قدرتهم.
غالباً ما نرى جانباً آخر للنعمة العامة في العالم، وهو المعرفة التي يكتسبها غير المؤمنين، والأشياء الجيدة التي يمكنهم فعلها بتلك المعرفة. حيث يمكن أن يتعلم غير المؤمنين العديد من الحقائق القيّمة التي يستخدموها لمنفعة الكنيسة والمؤمنين فيها بالإضافة إلى بقية البشر. وكلما اكتشف أحدهم شيئاً نافعاً، تكون تلك المعرفة عطية نعموية من الروح القدس.
وصف جون كالفن، المُصلح البروتستانتي الشهير الذي عاش بين 1509-1564 ميلادية، مواهب الروح القدس العامة المتعلقة بالمعرفة في كتابه “أسس الديانة المسيحية”، المجلد الثاني الفصل الثاني والجزأين الخامس عشر والسادس عشر. اصغ لما كتبه هناك:
كلما تعرضنا لهذه القضايا في كتابات العلمانيين، دَعو نور الحقيقة الرائع الذي يشع فيهم، يعلمنا أن فكر الإنسان، رغم أنه ساقط ومنحرف عن كماله، فهو مع ذلك مكسوٌّ ومزيّنٌ بمواهب الله الممتازة. وإذا اعتبرنا أن روح الله ينبوع الحقيقة الوحيد، فإننا لن نرفض الحقيقة نفسها، ولن نحتقرها أينما تظهر، إلا إذا أردنا إهانة روح الله… لكن إن كانت إرادة الله، أن يساعدنا عمل وخدمة غير الأتقياء في الفيزياء، المنطق، الرياضيات، وفروع الدراسة المشابهة الأخرى، فلنستفد من مساعدتهم.
نعمة العهد
يمكننا أن نرى في الكثير من الأماكن في الأسفار المقدسة، نوعاً ثانياً من النعمة التي يمنحها الروح القدس والتي تُسمى أحياناً نعمة العهد.
تتألف نعمة العهد من الصبر والفوائد التي يعطيها الله لكل واحد من شعب العهد، حتى إن لم يكونوا مؤمنين حقيقيين. كانت إسرائيل، في العهد القديم، شعب العهد مع الله، لأن الأمة بأكملها كانت تحت عهود الله الخاصة مع إبراهيم، موسى، وداود. أما شعب العهد مع الله، في العهد الجديد، فهو الكنيسة المنظورة التي تتألف من الشعب المرتبط بالكنيسة، حتى إن لم يكونوا مؤمنين حقيقيين. إن نعمة عهد الله هي أكثر وفرة وصبراً من نعمته العامة.
على سبيل المثال، كان الله صبوراً ورحيماً جداً مع إسرائيل القديمة، رغم أنها لم تكن مخلصة له في كثير من الأحيان، وأخطأت كثيراً نحوه. وبسبب عهده مع إسرائيل، لم يقضي الله عليهم كأمة، لكنه حافظ دائماً على البقية المخلصين. وقد تكلم بولس عن هذا بوضوح في رومية 11: 1-5. بالإضافة إلى ذلك، وبسبب عهد الله، نال حتى غير المؤمنين في إسرائيل القديمة بركاته. ولعل أكبر مثال على ذلك هو الخروج من مصر. اصغ لما كتبه موسى في خروج 2: 23–25:
وَتَنَهَّدَ بَنُو إِسْرَائِيلَ مِنَ الْعُبُودِيَّةِ وَصَرَخُوا. فَصَعِدَ صُرَاخُهُمْ إِلَى اللهِ مِنْ أَجْلِ الْعُبُودِيَّةِ. فَسَمِعَ اللهُ أَنِينَهُمْ فَتَذَكَّرَ اللهُ مِيثَاقَهُ مَعَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ. وَنَظَرَ اللهُ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَعَلِمَ اللهُ. (خروج 2: 23–25)
لاحظ لماذا كان الله مهتماً بإسرائيل وأنقذهم. ليس لأنهم كانوا أوفياء له، بل لأنهم كانوا ضمن العهد الذي قطعه مع أجدادهم، إبراهيم، إسحق ويعقوب.
ينطبق الشيء ذاته على الكنيسة اليوم. على سبيل المثال، يتم تقديم الإنجيل والفرصة للتوبة والخلاص لكل من في الكنيسة باستمرار. ويشتركوا بتلك البركات التي منحها الله للكنيسة ككل. في الواقع، يستفيد غير المؤمنين في الكنيسة حتى من المواهب الروحية للكنيسة، كما نتعلم في عبرانيين 6: 4–6. ولهذا السبب يقول عبرانيين 10: 29 أن غير المؤمنين في الكنيسة يُهينون روح النعمة من خلال عدم أمانتهم.
عندما نحضر اجتماعات الكنيسة، نجد المخلّصين وغير المخلّصين. ويستفيد غير المخلّصين مما أسميه مجرد التواجد في حضرة المسيحيين. وهذا شيء جيد. أما بالنسبة لكيفية استخدام الله لذلك، فلا يمكننا أن نعرف دائماً. لكن مجرد التواجد هناك هو أمر جيد. وقد تكلم جون كالفن عن النعمة العامة، وتكلم جون وِسلي عن نعمة الله السابقة. أي الطريقة التي تعمل بها النعمة في حياة شخص قبل أن يقرّ بإيمانه بيسوع المسيح بوعي، بحيث تصبح النعمة عاملة في حياته. وأعتقد أن ذلك يحصل بطريقتين رئيسيتين. أولاً، نصبح متبكتين على خطايانا. ثانياً نتوصل إلى القناعة بأن الخطيّة حقيقية، أن الخطية تدّمرنا، كما أنها تحزن قلب الله. ولابد أن تكون عند عرش النعمة حتى ترى ذلك. [د. ستيڤ هارپر]
يضعهم هذا فعلاً في عناية الله في السياق الذي يمكنهم أن يسمعوا فيه الإنجيل، الذي يمكنهم أن يروا فيه أن الإنجيل حي، ويختبروا فيه كيف كان يسوع الحي من خلال الشركة مع مجموعة من الأشخاص. وبالتالي، لعل سيادة الله هي آليته لجذب شخص إلى الكنيسة قبل خلاصه حتى يتجاوب مع الإنجيل. [د. ستيڤ بلاكمور]
النعمة الخلاصية
أخيراً، إن النوع الثالث من النعمة الذي يمنحه الروح القدس هو ما يسميه الكثير من اللاهوتيين بالنعمة الخلاصية.
النعمة الخلاصية هي تطبيق الفوائد الأبدية لحياة المسيح الكاملة، موته، قيامته، صعوده وعودته المجيدة إلى أولئك الذين يقبلوه كرب ومخلّص. حيث ينال كل مؤمن النعمة الخلاصية من الروح القدس.
إن البركات التي ننالها كنتيجة لمنح الروح القدس النعمة الخلاصية محفوظة لنا مسبقاً على أساس عمل يسوع. لكننا لا نحصل على فوائدها إلا أن يبدأ الروح القدس بتطبيقها في حياتنا. وأكثر تلك البركات وضوحاً هي أمور مثل التجديد، الذي يعطي به الروح القدس حياة جديدة لأرواحنا، بحيث أننا نولد ثانية. ونقرأ عن ذلك في فقرات مثل يوحنا 3: 5-8، رومية 8: 2–11، وتيطس 3: 5. كما أن التوبة، غفران الخطايا، والتبرير هي أيضاً نِعَمٌ خلاصية يطبقها الروح القدس في حياتنا، كما نرى في زكريا 2: 10، رسالة كورنثوس الأولى 6: 11، وتيطس 3: 5–8. ويتحدث العهد الجديد أيضاً عن الخلاص ككل مطبَّقاً في حياتنا بواسطة الروح القدس، كما في رسالة تسالونيكي الثانية 2: 13، وتيطس 3: 5.
عندما يتحدث المسيحيون عن الخلاص الفردي، نميل للتركيز على يسوع المسيح وعمله. وبالطبع هذا شيء جيد. لكن مهمٌ أيضاً أن ندرك الدور الذي يلعبه الروح القدس.
أن فهم ما يفعله الروح القدس في حياة المؤمن، يعوض عن الحياة المسيحية الممكنة الكاملة، إن الروح القدس هو من يدفعنا، ويُعتَبَر هذا الفهم أساسياً لندرك أن كلا الرغبة والقدرة على العيش للمسيح تأتيان من الروح القدس. وهذا جزء من ذلك الفهم العميق لما يفعله الروح القدس من أجلنا، بأنه هو من ينيرنا لكي نفهم كلمة الله. لقد أخبرني الله بما علي فعله، والآن يعود الأمر لي حتى أطيعه. في الواقع، لدينا مسؤولية. حيث أن الله لن يطيع عنا، لكننا نقرّ بأنه يعطينا الرغبة والقدرة أو البصيرة. ويكون كل هذا لمجده. [د. دونالد ويتني]
وأكثر من أي أقنوم آخر في الثالوث، الروح القدس فعال في حياتنا، لكي يضمن لنا الحصول على الغفران، الفرح، الصلاح، القوة، السلام، وكل بركات الخلاص الأخرى. وهكذا، إذا أردنا الحصول على هذه الأمور بوفرة، يجب أن نناشده من أجل نعمته الخلاصية. بالإضافة، علينا أن نكرم الروح على أمانته ورحمته. حيث تجعله النعمة الخلاصية التي يهبها لنا، مستحقٌ لشكرنا، سجودنا، عبادتنا، ومحبتنا.
بعد أن استكشفنا أعمال الروح القدس في القدرة على الخلق، التقديس والنعمة، نحن مستعدين للنظر إلى أعماله في الإعلان.
الاعلان
يُعرَّف الروح القدس عادةً بأقنوم الثالوث الذي هو وسيط الإعلان، الشهادة والفهم. ونرى هذا في يوحنا 14: 26، رسالة كورنثوس الأولى 2: 4 و10، أفسس 3: 5، وعدة أماكن أخرى. في الواقع، إن الاتحاد بين الروح والإعلان وثيقٌ لدرجةِ أن الروح القدس يُدعى بروح الحق في فقرات مثل يوحنا 14: 17؛ 15: 26؛ و16: 13. ذهب يوحنا في رسالة يوحنا الأولى 5: 6، بعيداً إلى حد القول:
الرُّوحَ هُوَ الْحَقُّ. (1 يوحنا 5: 6)
وبطريقة مماثلة، لخص بولس دور الروح القدس في أفسس 1: 17 بتسميته:
رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ. (أفسس 1: 17)
سنتحدث عن ثلاثة جوانب لعمل الروح في الإعلان. أولاً، سنتكلم عن الإعلان العام. ثانياً، سننظر إلى الإعلان الخاص. وثالثاً، سنركّز على الاستنارة والإرشاد الداخلي. فَلْننظر أولاً إلى الإعلان العام.
الإعلان العام
الإعلان العام هو استخدام الله للعالم الطبيعي وأعماله ليجعل وجوده، طبيعته، أعماله وإرادته معروفة لكل البشر. وتتحدث الأسفار المقدسة عن الإعلان العام في عدة أماكن مثل مزامير 8 و19 ورومية 1 و2. على سبيل المثال يتحدث رومية 1: 20 عن الإعلان العام بهذه الطريقة:
لأَنَّ أُمُورَهُ غَيْرَ الْمَنْظُورَةِ تُرىَ مُنْذُ خَلْقِ الْعَالَمِ مُدْرَكَةً بِالْمَصْنُوعَاتِ قُدْرَتَهُ السَّرْمَدِيَّةَ وَلاَهُوتَهُ حَتَّى إِنَّهُمْ بِلاَ عُذْرٍ. (رومية 1: 20)
غالباً ما تقول الأسفار المقدسة أنه يتم تسليم الإعلان العام من خلال أعمال قدرة الروح القدس على الخلق في الطبيعة – سواء في عمل الخليقة نفسها، وفي حفظ ما تم خلقه. وتتدفق كل هذه الأعمال من إرادة روح الله وشخصه. وهكذا، عندما نميّز عمله فيها، فإنها تعلّمنا عن طبيعته ومقاصده.
إن دور الروح القدس في الإعلان العام هامٌ للغاية بالطبع، لأنه هو وسيط الخليقة. ويعطي الروح القدس هذا الإعلان لكل الشعوب بدون تمييز. وهو بالطبع مختلف عما نسميه أحياناً بالإعلان الخاص الذي نتعرّف به على يسوع كرب ومخلّص بسبب عمله الداخلي في قلبنا. لكنّ الإعلان العام متوفرٌ لكل مخلوقات الله. [د. سايمن ڤايبرت]
فحيثما نظرنا، نرى إظهاراً لقدرة الله، حكمته، وصلاحه في الخليقة في كل مكان حولنا. ويأخذ الروح القدس إعلانات الله هذه ويعلنها لنا بطرق قوية، بحيث يتوجب علينا أن نتصالح مع خالقنا. [د. إريك ثيونس]
الإعلان الخاص
بالإضافة إلى تزويد العالم بالإعلان العام، يزود الروح القدس الإعلان الخاص للكنيسة بصورة رئيسية.
الإعلان الخاص هو: تدخل الله المباشر أو استخدامه للمُرسَلين، ليجعل وجوده، طبيعته، حضوره، أعماله وإرادته معروفة لمجموعات محدودة من البشر.
قدم الروح القدس الإعلان الخاص في شكل أسفار مقدسة، نبوة، أحلام، رؤى، زيارات ملائكية، ووسائل اتصال أخرى. وأُعطي الإعلان الخاص لأشخاص أو مجموعات معينة، لا سيما أولئك الذين نالوا عرض الله للخلاص. وقد أُعطي الإعلان الخاص في العهد القديم، لإبراهيم وأنساله بصورة خاصة. بينما أُعطي في العهد الجديد للكنيسة. ومثل المواهب الروحية، الإعلان الخاص هو من أجل منفعة كل شعب الله، من أجل اهتداء وبنيان الجميع في الإيمان.
لقد كان تجسد يسوع المسيح، أعظم إعلان خاص أعطانا إياه الروح القدس. ويسبّح عبرانيين 1 ربنا كقمة إعلان الله كله. وحتى اليوم، يستمر الروح القدس في الإشارة للمسيح من خلال الأسفار المقدسة الموحى بها، والتي تحتوي كلمات المسيح من كل العصور، منقولة لنا من خلال أنبيائه ورسله ذوو السلطة. إن سلطان الروح القدس في الأسفار المقدسة مذكور في متى 22: 43، مرقس 12: 36، أعمال الرسل 1: 16؛ و4: 25، ورسالة تيموثاوس الثانية 3: 16-17. وكمثال واحد، اصغ لما كتبه بطرس في رسالة بطرس الثانية 1: 20-21:
كُلَّ نُبُوَّةِ الْكِتَابِ لَيْسَتْ مِنْ تَفْسِيرٍ خَاصٍّ. لأَنَّهُ لَمْ تَأْتِ نُبُوَّةٌ قَطُّ بِمَشِيئَةِ إِنْسَانٍ بَلْ تَكَلَّمَ أُنَاسُ اللهِ الْقِدِّيسُونَ مَسُوقِينَ مِنَ الرُّوحِ الْقُدُسِ. (2 بطرس 1: 20-21)
لم يلهم الروح القدس بأسفار مقدسة جديدة منذ العصر الرسولي. لكن يستمر الإعلان الخاص الذي وفره في العهدَين القديم والجديد، في إعلان إرادته للمسيحيين في كل عصر.
ثالثاً، بالإضافة إلى توفيره الإعلان العام والإعلان الخاص، يعمل الروح القدس أيضاً من خلال الاستنارة والإرشاد الداخلي للأفراد.
الاستنارة والإرشاد الداخلي
نقرأ في رسالة بطرس الثانية 1: 21 أن أنبياء العهد القديم تكلموا باسم الله بينما كانوا مسوقين بالروح القدس، هذا يعني أن الروح القدس المُعطى للكنيسة سينيرنا لنفهم ما ألهم به الأنبياء. لكن إذا أردنا فهم الإعلان الحالي، يجب أن نستنير ونتقوى بروح الله. [د. نكص تشامبلن]
الاستنارة هي موهبة معرفة أو فهم إلهية تتعلق بالإدراك بالدرجة الأولى، مثل المعرفة بأن يسوع هو المسيّا، التي نالها بطرس في متى 16 و17.
والإرشاد الداخلي هو موهبة معرفة أو فهم إلهية، وهي عاطفية أو حدسية بالدرجة الأولى. ويتضمن أموراً مثل الضمير، والإحساس بأن الله يريدنا أن نتخذ مساراً معيناً.
إن الاستنارة والإرشاد الداخلي ليسا متميّزين عن بعضهما بوضوح في الكتاب المقدس دائماً. وغالباً ما تتكلم الأسفار بطرق تنطبق على كليهما بالتساوي. ونجد فقرات مثلها في رسالة كورنثوس الأولى 2: 9–16، أفسس 1: 17، كولوسي 1: 9، ورسالة يوحنا الأولى 2: 27. على سبيل المثال، تكلم بولس في أفسس 1: 17 بهذه الطريقة:
كَيْ يُعْطِيَكُمْ إِلهُ رَبِّنَا يَسُوعَ الْمَسِيحِ أَبُو الْمَجْدِ رُوحَ الْحِكْمَةِ وَالإِعْلاَنِ فِي مَعْرِفَتِهِ. (أفسس 1: 17)
دعا بولس الروح القدس هنا روح الحكمة والإعلان. وقد نميل، تماشياً مع فئتي الاستنارة والإرشاد الداخلي، إلى رؤية الحكمة كإرشاد داخلي، والإعلان كاستنارة. وربما هذا ما كان يدور في ذهن بولس. وربما أراد ببساطة الإشارة إلى أعمال الروح القدس كمجموعة، دون التمييز بينها بوضوح.
كلنا بحاجة إلى استنارة الروح القدس، لأننا جميعاً عميان روحياً بدونها. نحن عميان روحياً بالطريقة التي يكون فيها الوَطواط أعمى جسدياً. وهكذا، عندما تكون الشمس مشرقة، فهم ببساطة يتدلون بأرجلهم من سقف الكهف الذي يختبئون فيه أثناء النهار. ولا يمكنهم أن يروا إلا عندما يخرجوا في الليل. في الواقع، إن وضعنا مشابه لوضع الوطاويط خلال النهار. حيث أن نور الله مضيء، لكن بسبب ما فعلته الخطيّة في إفساد قدراتنا الروحية، نحن غير قادرين على فهم حقيقة الله وكلمته. وقد يكون إدراكنا بوجود الله مشوّش بطريقة ما، لكننا لا نقدّر أن وصايا الأسفار المقدسة ووعودها هي لنا. إن عرض الأسفار المقدسة للرب يسوع موضوع أمامنا ومن أجلنا حتى نثق به وندخل الحياة الجديدة. ويخبرنا العهد الجديد بشكل مثير، أننا عميان وصُمٌ في هذه المرحلة، وأن قلوبنا قاسية في هذه المرحلة، حتى أن كلمة الله لا تؤثر علينا على الإطلاق. ثم يقول العهد الجديد في رسالة كورنثوس الثانية 4، أن الله الذي أمر أن يشرق نور من الظلمة في الخليقة، أشرق في قلوبنا، ليعطي نور معرفة مجد الله في وجه يسوع المسيح. هذه هي استنارة الروح القدس وعندما ننال هذه الاستنارة، نرى يسوع روحياً نفهم حقيقته ونسمع وندرك أنه يدعونا لنفسه. [د. جيمس پاكر]
إن الاستنارة والإرشاد الداخلي الوسيلتان الطبيعيتان اللتان يستخدمهما الروح القدس ليعلّم شعبه الحقائق التي أعلنها. ومن هذا المنطلق، هناك ثلاثة أمور على الأقل يمكننا فعلها، لنستفيد من هذه الخدمة في حياتنا. أولاً، يمكننا أن نُلزِم أنفسنا بدراسة الكتاب المقدس، عالمين أن الروح القدس سيقود فهمنا عندما نفعل ذلك. ثانياً، يمكننا أن نكرّس أنفسنا للصلاة، طالبين من الروح القدس باستمرار الإرشاد، الحكمة، الفهم، والإرادة لنطيع. وثالثاً، يمكننا أن نكرّس أنفسنا لحياة البر والقداسة، مصممين على العيش وفقاً للحقائق التي يعلّمنا إياها الروح القدس.
الخاتمة
نظرنا في هذا الدرس حول قانون إيمان الرسل، إلى عقيدة الروح القدس. فقد درسنا ألوهية الروح القدس بالنسبة لقانون الإيمان وأساسه الكتابي. استكشفنا أقنوميته حسب صفاته، وفي ضوء علاقته بالآب والابن. وتكلمنا عن أعماله في القدرة على الخلق، التقديس، النعمة والإعلان.
عقيدة الروح القدس هي ينبوعٌ لا ينضَب للمسيحيين. وهي تعلمنا عن الأقنوم الثالث في الثالوث، الذي هو مصدر عونِنا الأقربُ في كل الأوقات. وهي تعلمنا عن الشخص المسؤول الأكبر عن حفزنا ودعمنا لنعيش بطرق ترضي الله. وتعطينا هذه العقيدة الثقة الكبيرة أن الله يتدخل في العالم في كل الأوقات، ويعمل من أجل مصلحةِ كل من يضع إيمانَه فيه.
القسم الثالث: العمل
مخطط لتدوين الملاحظات
III. العمل
أ. القدرة على الخلق
1. العالم الطبيعي
2. المواهب الروحية
3. التجديد الشخصي
ب. التقديس
ج. النعمة
1. النعمة العامة
2. نعمة العهد
3. النعمة الخلاصية
د. الإعلان
1. الإعلان العام
2. الإعلان الخاص
3. الإستنارة والإرشاد الداخلي
الخاتمة
أسئلة المراجعة
1. ما هي ملامح عمل الروح القدس الذي يذكره هذا الدرس؟ اشرح كل واحد من هذه الملامح وأعطِ أمثلة لكل منها.
2. هناك معجزة واحدة يذكرها قانون إيمان الرسل على أنه تم تنفيذها بشكل خاص من قِبَل الروح القدس. ما هي؟
3. كيف يعرِّف الدرس المواهب الروحية؟
4. اشرح وجهات النظر المختلفة حول استمرار المواهب الروحية.
5. تأكد من معرفتك لمحتوى كل من المقاطع التالية من الكتاب المقدس:
غلاطية 5: 22-23
1كورنثوس 3: 16-17
1كورنثوس 6: 9-11
1يوحنا 5: 6
2بطرس 1: 20-21
6. ما هو التقديس؟
7. اشرح الاختلاف بين النعمة العامة، نعمة العهد، والنعمة الخلاصية.
8. اشرح وجهة نظر جون كالفين فيما يخص الحق بين غير المؤمنين.
9. اشرح الاختلافات بين الإعلان العام، الإعلان الخاص، والإستنارة والإرشاد الداخلي.
أسئلة تطبيقية
1. هل اختبرت عمل الروح القدس في حياتك؟
2. ما هي مواهبك الروحية؟
3. في الماضي، ماذا كان موقفك فيما يخص الحق الذي قد يأتي من خلال غير المؤمنين؟ هل جعلك هذا الدرس تغيِّر موقفك بأي شكل من الأشكال؟ اشرح.
4. هل اختبرت الإستنارة والإرشاد الداخلي التي يأتي بها الروح القدس في حياتك؟
5. ما هو الإدراك الداخلي الهام الذي تعلَّمته عن الروح القدس من خلال هذا الدرس؟ اشرح السبب.

- أدونياسم عبري لله يعني "الرب"، "السيد"، "الحاكم".
- الإلحادالإيمان بأنه لا يوجد إله.
- أوغسطينوسأسقف هيبو (354-430م)، آمن بالكتاب المقدس كالسلطة النهائية في العقيدة واعتبر قوانين الايمان الخاصة بالكنيسة ملّخصات مفيدة للتعاليم الكتابية. وهو الذي كتب كتاب الاعترافات Confessions، ومدينة الله The City of God.
- باسيليوسأسقف قيصرية، تم انتخابه في عام 370م؛ وقد دافع عن الكتاب المقدس كالسُلطة النهائية في العقيدة.
- جامعةمصطلح يعني "شاملة"، يُستخدم في قانون إيمان الرسل ليصف الكنيسة على أنها تشمل كل المؤمنين، من كل الأماكن، عبر التاريخ ككل.
- مؤيد انتهاء المواهبالشخص الذي يؤمن بأن المواهب الخارقة للطبيعة والتي ظهرت في زمان العهد الجديد، مثل التكلم بألسنة، والنبوة، قد أُعطيت فقط من أجل الانتشار الخاص للإنجيل ولتأسيس الكنيسة في زمان الرسل وأنها قد توقفت الآن.
- خلقدونيةمدينة في أسيا الصغرى تم انعقاد مجمع كنسي فيها عام 451م، للدفاع عن العقائد المسيحية الكلاسيكية وإنكار الهرطقات.
- كريستوسكلمة يونانية (تم نقلها حرفيًا إلى العربية) تعني المسيح، وهي مستخدمة في السبعينية لتترجم "مشيخ" أو "مسيا" وتعني "الممسوح"
- النعمة العامةإحسان الله الظاهر لكل البشر.
- الصفات القابلة للمشاركةأو الصفات التي يمكن نقلها؛ وهي صفات الله التي يمكن مشاركتها مع خليقته بمقدار ما (مثل الحكمة، والقدرة، والصلاح).
- الاستمراريةوجهة النظر القائلة بأن المواهب الخارقة للطبيعة والظاهرة في زمن العهد الجديد، مثل التكلم بألسنة، والنبوة مستمرة حتى يومنا هذا.
- نعمة العهدصبر الله والمميزات التي يعطيها لكل من هم جزء من شعب عهده، حتى وإن لم يكونوا مؤمنين حقيقيين.
- كبريانوسأسقف قرطاجة، من القرن الثالث (تقريبًا 200-258م)، والذي كتب أن التعاليم التقليدية للكنيسة لا يجب أن تكون لها سلطة أعظم من الكتاب المقدس.
- التدبيريمصطلح يعني "ما يختص بإدارة المنزل"، ويُستخدم في الحديث عن كيف أن الأقانيم الثلاثة في الثالوث يتعاملون مع بعضهم البعض.
- إيل إليون (عيليون):اسم كتابي لله يعني "الله العلي".
- إيل شداياسم كتابي لله يعني "الله القدير".
- Ex nihiloتعبير لاتيني يعني "من العدم".
- الإعلان العاماستخدام الله للعالم الطبيعي ولأعماله ليُعرف البشرية كلها بوجوده، وطبيعته، وحضوره، وأعماله، وإرادته.
- الغنوسيةهرطقة مبكرة ظهرت في القرون الأولى بعد المسيح؛ آمنت أن المادة شر، بما فيها جسد الإنسان. لذا، فلا يمكن لله أبداً أن يأخذ شكل الجسد البشري، وبالتالي، فإن يسوع لم يكن الله وانسان معاً.
- Hades- الهاويةكلمة يونانية (مترجمة بحروف إنجليزية) مستخدمة في العهد الجديد، تعني في الغالب مسكن الأرواح الشريرة، ولكنها تشير أحياناً إلى مكان كل من الأبرار والأشرار.
- الهينوثيةالاعتقاد بوجود العديد من الآلهة، مع تكريس خاص لإله أساسي.
- هيبوليتوسلاهوتي من روما (170-236م تقريباً)؛ كتب كتاب Against the Heresy of One Noetus حيث دافع عن الأسفار المقدسة كالسلطة النهائية للعقيدة.
- الأقنوميةالمصطلح في اليوناني هو Hypostasis، ويعني "الجوهر أو الطبيعة الضمنية"، استُخدمت في القرون المبكرة بعد المسيح للتعبير عن عقيدة أن الطبيعة الإلهية والبشرية للمسيح متحدتان في "شخص" واحد.
- الاتحاد الإقنوميتعبير يُستخدم لشرح عقيدة أن لاهوت المسيح وناسوته متحدان في شخص واحد.
- الاستنارةموهبة إلهية للمعرفة أو الفهم فيما يختص بالإدراك بشكل أساسي، والتي نسندها إلى عمل الروح القدس.
- الصفات غير القابلة للمشاركةأو الصفات التي لا يمكن نقلها؛ وهي صفات الله والتي لا يمكن نقلها للإنسان (مثال: كلية القدرة، كلية المعرفة، وكلية الحضور، والأزلية).
- الإرشاد الداخليموهبة إلهية للمعرفة أو الفهم؛ مختصة بالمشاعر أو الحدس بشكل أساسي، ونسنده لعمل الروح القدس.
- الإسلامديانة توحيدية للمسلمين، تلتزم بكلام وتعاليم محمد، وتؤمن – من بين الأشياء الأخرى - أن يسوع كان نبي حقيقي لله، ولكنه لم يُصلب، ولم يقم، وليس هو الله.
- Kuriosكلمة يونانية (مترجمة بحروف إنجليزية) تعني "رب"، أو "حاكم"، أو "سيد"، وهو اسم لله في العهد الجديد.
- التوحيدأو Monotheism، وتعني الإيمان بإله واحد فقط.
- قانون الإيمان النيقاويهو قانون إيمان كُتب في مجمع نيقية في عام 325م. وهو استفاضة لقانون إيمان الرسل، وأكد على عقيدة الثالوث كما دحض الأريوسيّة.
- وجوديمعنى المصطلح "المختص بالكينونة"؛ يُستخدم للإشارة إلى حقيقة أن الأقانيم الثلاثة للثالوث يمتلكون نفس الصفات الإلهية والجوهر الإلهي.
- أوريجانوسلاهوتي مسيحي مبكّر من الإسكندرية (185-254م تقريباً). تشتمل أعماله على: On First Principles (عن المبادئ الأولى)، والذي دافع فيه عن الكتاب المقدس كالسلطة النهائية لنا فيما يختص بالعقيدة المسيحية، وكتاب Hexapla (السداسية)، وهي دراسة مقارنة للترجمات المختلفة للعهد القديم.
- آلاممن الكلمة اليونانية pascho تعني "أن يتألم"، وتشير إلى آلام يسوع وموته، بداية من ليلة القبض عليه.
- تعدد الآلهةأو Polytheism، وتعني الإيمان بآلهة متعددة.
- قانون الإيمان الرومانيقانون إيمان استُخدم في كنيسة روما في القرون الأولى بعد المسيح، وهو في الغالب الأساس الذي بُنى عليه قانون إيمان الرسل.
- الدوستيونطائفة مُهرطقة، انكرت إنسانية المسيح، وعلّمت بأن المسيح ظهر فقط وكأنه إنسان ولم يكن لديه جسد مادي حقيقي.
- التقديسعملية جعل الناس والأشياء مقدسة.
- النعمة المُخلصةتطبيق المميزات الأبدية لحياة المسيح الكاملة، وموته، وقيامته، وصعوده، وعودته المجيدة على من يقبلونه كرب ومخلص.
- السبعينيةالترجمة اليونانية للعهد القديم.
- الجلوسمصطلح لاهوتي يُستخدم للإشارة إلى حكم يسوع المستمر وخدمته في التشفع وهو جالس عن يمين الله الآب.
- Sheol- الهاويةمصطلح عبري (مترجمة بحروف إنجليزية) تستخدم في العهد القديم للإشارة إلى مكان الأرواح التي رحلت، كل من البارة والشريرة.
- بساطة اللهمصطلح لاهوتي يُستخدم لشرح أن جوهر الله ليس مركب من مواد مختلفة، بل هو وحدة موحدة مكونة من ذات واحدة فقط.
- تفرّد اللهمصطلح لاهوتي يُستخدم للإشارة لله ليعني أنه هو الإله الحقيقي وحده.
- Sola Scripturaمصطلح لاتيني يعني "الكتاب المقدس وحده". وهو الإيمان بأن الأسفار المقدسة تقف كالحاكم الأعلى والأسمى لكل المسائل اللاهوتية؛ وهو أحد مبادئ الإصلاح الأساسيّة.
- النفسالجزء الخالد الغير مادي للإنسان، كل الجوانب الداخلية، الغير مادية لكينونتنا.
- الإعلان الخاصكشف الله عن نفسه وعن إرادته لعدد مختار من الناس من خلال الأحلام، والرؤى، والأنبياء، والأسفار المقدسة، والطرق الأخرى المشابهة.
- ترتليان(155-230م تقريباً) كاتب مسيحي مبكر من قرطاجة، وأحد آباء الكنيسة؛ كتب كتاب ضد مارسيون Against Marcion، وأشاع المصطلح اللاتيني المستخدم لشرح الثالوث.
- غير المتمايزمصطلح تقني للاعتقاد بأن الله كائن واحد غير مرئي لا يوجد تمايز بين أقانيمه.
- يهوهالاسم العبري لله والذي يأتي من عبارة "أهيه الذي أهيه"؛ تُترجم في الكثير من الأحيان "رب".